معلمو القنيطرة والرواتب المتأخرة!
في البدء لم أصدق، وعندما تأكدت، انفجرت غيظاً! فحتى لحظة كتابة هذه الكلمات، أي في الساعة الحادية عشرة من مساء الجمعة 14/11/2012 لم يقبض بعض معلمي محافظة القنيطرة رواتبهم، وتحديداً المعلمون والمدرسون في مدارس مدينة البعث.
وأقول مسبقاً: يجب رفض كل الدفوعات والحجج والأسباب والأقاويل والمعوقات التي يتذرع بها العاملون في فرع المصرف الزراعي التعاوني في القنيطرة، ومعتمدو الرواتب في مديرية التربية، لأنها لا تجدي نفعاً ولا تشفي غليلاً ولا تقنع معلماً لم يقبض راتبه حتى منتصف الشهر، وراح يلوب بين الناس متوسلاً، مستجدياً، مستعطفاً، مترجياً، مستهيناً بكرامته، واسمه ومكانته، سافحاً ماء وجهه، وهو يستدين من هذا وذاك، ويعد أصحاب الديون المتراكمة، إضافة إلى البقال والجزار، بأن يدفع لهم عندما يقبض راتبه! ويسخر الناس منه، مشككين بصدقيته، قائلين: (أستاذ معقول ما قبضت راتبك حتى الآن؟ ويبتلع المعلم ريقه غضباً وغصة وحرقة وألماً، ويشكو ولا حول له ولا قوة أمام أطفاله الذين يتضورون جوعاً بانتظار الولادة المتعسرة للراتب الذي أصبح بصعوبة يسد الفاقة، ويلبي الكفاف، ويكفي جزءاً من مطالب يومية حياتية لا تنتهي.
لكن أين يقع الخلل؟ فمدير مالية القنيطرة عدنان مرشود، ورئيس قسم الخزينة في مديرية المالية السيد أحمد شتيوي، يؤكدان بالقرائن والوثائق أن رواتب العاملين في مديرية التربية تصرف في الخامس والعشرين من كل شهر، وتحرر الشيكات المالية اللازمة لمعتمدي الرواتب، وتوجه إلى فرع المصرف الزراعي التعاوني في القنيطرة، لأنه يمثل مصرف سورية المركزي في المحافظة. ويضيف مدير مالية القنيطرة أن مهمة مديرية المالية تنتهي في هذه المرحلة.
وفي فرع المصرف الزراعي ترتسم حيثيات المعاناة، وتتشابك خيوط المعضلة والمشكلة، فالعاملون في المصرف لا يخاطرون بحياتهم وبأموال الدولة، لذلك لا يقومون بجلب الأموال اللازمة من المصرف المركزي بدمشق، ويخشون من سرقتها على الطريق.. لذلك يصرفون الشيكات من المدفوعات التي تصل إليهم (القروض الزراعية، قروض المواطنين، مبيعات محطة الوقود التابعة لسادكوب)، وغير ذلك من عوائد مالية، وهذه لا تكفي لصرف الرواتب دفعة واحدة.
وبالعودة إلى معتمدي الرواتب في مديرية التربية، فإن قسماً منهم يقوم بتحويل الشيك إلى المصرف المركزي بدمشق، ويقوم بقبضه فوراً ودون تأخير، ويدفع الرواتب للمعلمين في أول الشهر أصولاً، خاصة لمدارس القنيطرة في تجمعات دمشق وريف دمشق.
أما معتمدو المدارس في أرض المحافظة، حيث معاناة تأخر الرواتب، فيقوم بعضهم بتحويل (الشيك) إلى المصرف المركزي، ويستلم الرواتب، ويسلمها للمعلمين دون تأخير.. وبعضهم يقوم بتسليم الشيك إلى المصرف الزراعي في القنيطرة، الذي ينفذها حسب الدور، اعتماداً على المدفوعات الذاتية التي تصله من المحافظة، وهذه الأموال التي يحصّلها المصرف الزراعي لا تكفي أبداً، وتقع المشكلة، ويحتمل المعلم المعاناة والقهر بتأخر راتبه.
وبعد عرض أسباب المعاناة، أجدد القول: إن راتب المعلم لا يدفع له منّة، ولا شفقة ولا إحساناً، إنه حقه الذي يتقاضاه مقابل جهود مضنية يبذلها في تعليم النشء وتربية الجيل، وغير مسموح أبداً المسّ برواتب المعلمين، وكل العاملين في الدولة. وعلى الجهات الوصائية المعنية في محافظة القنيطرة (الإدارة العامة للمصرف الزراعي، ومديرية تربية القنيطرة) أن تعمل لتأمين الرواتب للمعلمين في اليوم الأول من كل شهر.
بقي أن أقول إن توطين جميع رواتب المعلمين والمدرسين في المصرف العقاري، وزيادة عدد كوى الصراف الآلي العقاري في المحافظة، قد يكون الحل السهل المأمول، لأنني أخشى غداً أن نستمع إلى شكايات عاملين من تأخر رواتبهم في بعض مديريات المحافظة الأخرى.