«معارضو»أمريكا وآل سعود وإرهابيوها.. في الرياض: وأد لـ «فيينا» ونسف للجهود السلمية ودعم للإرهاب الفاشي
لم نُفاجأ بما هيّأه السعوديون والأمريكيون للقادمين إلى الرياض، للتوقيع عليه، فلم نتوقع غير ذلك، ومن يبنِ آمالاً على أن يكون هذا الخليط المنسجم سياسياً وفكرياً في عدائه لسورية وشعبها، عاملاً في إحلال السلام وإنهاء أزمة السوريين، فهو كمن يبني قصوراً على الرمال المتحركة. منذ انتهاء أعمال فيينا 2 الذي جاء مكملاً لفيينا،1 كان المطلوب أمريكياً وسعودياً وأد مقررات اللقاءين، فكلّ جهد دولي جدّيّ لمكافحة الإرهاب وحل الأزمة السورية عبر الحلول السياسية، يسبب الصداع والقلق لصانعي الإرهاب ومموّليه وداعميه.
كان المطلوب، أمريكياً وسعودياً، التنكّر لكل ما اتفق عليه في فيينا، وهذا ما نفذه الأمريكيون وآل سعود، تحت لافتة (اتفاق المعارضة)، هذه المعارضة السياسية التي تكوّن معظمها في الخارج، وقبضت من الخارج، ولعبت دوراً رئيسياً في دفع قوى العدوان لاحتلال سورية، وساندت المنظمات الإرهابية في ارتكابها للمجازر بحق الأبرياء، وهدمت منجزات السوريين منذ عقود، لتبني بعد ذلك (ديمقراطيتها) و(مدنيتها)_ حسب بيان الرياض_ بسواعد الإرهاب الإقصائي الفاشي الذي لا يعترف بأي ديمقراطية ولا مدنية!
لقد تحدث بيان المعارضين والإرهابيين في الرياض عن رفضه الإرهاب بكل أشكاله.. لكنه سكت عن حزّ الرقاب، وحرق الأجساد، ورجم النساء، وغير ذلك من الفظاعات التي مارستها وارتكبتها المجموعات الإرهابية، التي صنفها الأمريكيون في خانة الاعتدال، وكانت على رأس طاولة المجتمعين في الرياض!…أي حل سلمي للأزمة السورية سيسعى إليه مَن تلوّنت أيديهم بدم السوريين الأبرياء، ومَن سرقوا أملاك الدولة والمواطنين، ومن تسربت إلى حساباتهم المصرفية موجات متتالية من الدولارات الملوثة برائحة النفط والدم؟
ونقول ها لبعض المعارضين في الداخل، الذين شاركوا في (مهزلة) الرياض: إن هذه المشاركة لن تجعل منكم زعماء للسوريين، فالشعب السوري (يعرف البير وغطاه). بيان المعارضين والإرهابيين في الرياض أرجأ العديد من الاستحقاقات التي كانت مكرسة لمتابعة الجهود السلمية لحل الأزمة السورية، وأصبحت المساعي التي اتفق عليها في اجتماع فيينا، في مهب الريح، بانتظار مباحثات كيري في موسكو يوم الثلاثاء 15/12/2015.
روسيا استبقت زيارة كيري، فأعلنت رفضها لنتائج (الرياض)، وعدم موافقتها على محاولة معارضي (الرياض) احتكار حق التحدث باسم المعارضة السورية بأكملها.
مستقبل السوريين لن يحدده المشاركون في الرياض، بل جماهير الشعب السوري القابضة على الجمر، الواقفة على المتاريس خلف جيشها الوطني الباسل، الذي يحرز تقدماً إثر آخر في مكافحته لغزو الإرهاب الفاشي، المعرّضين في كل ساعة لقذيفة غادرة أو صاروخ يخترق المدارس والمياتم والجامعات والأسواق، كما حدث مؤخراً في (تل تمر) بمحافظة الحسكة، وحي الزهراء في حمص، وفي دمشق التي تعرضت لقذائف الإرهاب وصواريخه، خلال الأيام الماضية.
المستقبل السوري يحدده ويعمل من أجله أبناء سورية الأوفياء للتراب السوري، الحريصون على الدفاع عن وحدة بلادهم، لا عن تفتيتها إلى (كانتونات)، الحالمون، الجادون في صنع ديمقراطيتهم البعيدة عن الاستئثار والطائفية، المصممون على مستقبل علماني.. مدني حقيقي، تتداول السلطة فيه قوى سياسية وطنية مخلصة عبر صناديق الاقتراع، لا عبر اجتياح سورية بقوافل الإرهاب الإقصائي..
من يصنع مستقبل سورية هم جماهير شعبها، عمالها، وفلاحوها، ومثقفوها، والقوى السياسية الوطنية الشريفة، الذين يرون أن هذا المستقبل مرهون بحوارهم واختلافهم واتفاقهم على الغد السوري الديمقراطي حقاً.. المدني حقاً، المعادي لكل أشكال الهيمنة والاستبداد، والضامن لبناء سورية معادية للاستعمار والصهيونية والرجعية السوداء.