«إمبراطورية»بلدية اللاذقية تحارب لقمة الفقراء

 الفساد المؤسساتي والخدمي الذي تعاني منه مدينة اللاذقية منذ زمن بعيد بات يشكّل خطراً على معيشة المواطنين الكادحين والمهجرين، فلم يكتفِ أمراء القصر البلدي، الذين يذكّروننا بأغوات الاحتلال العثماني، بمهامهم التي وظّفوا من أجلها والتي نسوها أو تناسوها ليبتدعوا مهام جديدة تجعلهم أسياد شارع الريجة القديمة.

بسطات الفقراء ممنوعة.. وللمدعوم مسموح!

اعتاد فقراء الشعب الكادح في اللاذقية وبعض المهجرين على خلق فرصة عمل يكسبون منها لقمة معيشتهم ومعيشة أطفالهم في زمن الحرب وغياب دور المؤسسات الحكومية، لتأمين احتياجاتهم، وخصوصاً في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار الذي تشهده الأسواق السورية، ويشكل شارع الريجة القديمة منذ سنوات طويلة ملتقى للفقراء الذين يأتون من قرى اللاذقية ليبيعوا منتجاتهم البلدية، وفي سنوات الحرب الأخيرة بات هذا الشارع ملجأً للمهجّرين الذين قدموا من عدة محافظات، إذ عملوا على وضع بسطات صغيرة من الخضار والسلع الغذائية وغيرها، بأسعار أرخص من محلات التجارة العامة ومحلات الخضار بفارق كبير أحياناً، مكتفين بربح بسيط، فهمّهم الوحيد هو إعالة عائلاتهم وإطعام أطفالهم.                                                                                    وقد لاقت هذه البسطات تفاعل المواطنين وإقبالهم على الشراء منها لأنها تناسبهم في زمن الغلاء الفاحش، ولكن لم يسلم هؤلاء الفقراء من هجمات متكررة لدوريات البلدية والمحافظة على بسطاتهم وتخريبها، وحرمانهم من تأمين لقمة عيشهم وعيش أطفالهم بكرامة. وقد التقت جريدة (النور) في جولتها بعض أصحاب البسطات الذين اشتكوا وضعهم بحزن وأسى، فقد قال أبو محمود: ألا يكفي أننا خسرنا كل ما نملك في حلب؟ وهنا نحارَب حتى بتأمين لقمة عيشنا فماذا نفعل؟ هل نقف على أبواب الجوامع نفتح أيدينا ونذلّ للمارة؟! أما مصطفى فقال: كل فترة يهجمون على بسطاتنا ويخربونها! فليقولوا لنا ماذا نفعل وكيف نعيش؟ إيجار بيتي 20 ألفاً ولديّ 3 أطفال، كيف تعيش أسرتي إن لم أعمل؟ هل البلدية تؤمّن لي عملاً؟ وبسؤالنا لبعض المواطنين في شارع الريجة عن رأيهم بالبسطات وما تفعله البلدية قالت لنا السيدة حنان.ع: هذه ليست بلدية ولا محافظة، ليذهبوا وينظفوا الشوارع والحواري من القمامة في البداية ويضبطوا المخالفات، وليتركوا الناس تعيش بكرامتها! يكفينا ذلاً!

 أما السيد أحمد.ج فقال: هؤلاء المواطنون لا يريدون سوى العيش ببعض الكرامة، أنا أمرّ بهم وأشتري منهم كل حاجياتي فأسعارهم أرخص بكثير من المحلات التجارية التي ترفع التسعيرة حسب صرف الدولار، وما تفعله البلدية خطأ كبير ويعمل على خلق حالة سيئة نحن لسنا بحاجة إليها حالياً. أما السيدة فتحية.ب فقالت: لا أعرف ماذا أقول سوى أننا كمواطنين نعيش الحرب بكل أشكالها ونحارَب حتى من قبل بعض المسؤولين في بلادنا!

 هذا بعض ما عبر به المواطنون عن سوء الحال التي يعيشونها، وإذا مررت بشارع الريجة تجد بعض البسطات فتساءلنا: لماذا هؤلاء لم تحاربهم دوريات البلدية وهم يبيعون ما لذّ وطاب من مواد المعونات غير المسموح أصلاً بيعها؟ فكان الجواب بأنهم مدعومون من جهات مختلفة! وسؤالنا الذي نتركه هنا برسم وزارة الإدارة المحلية و محافظ اللاذقية ورئيس بلديتها: هل محاربة لقمة الفقراء والمهجرين باتت الأهم في زمن الحرب المدمرة التي نعيشها؟؟ أم الأهم المحافظة على التماسك الشعبي وزرع المحبة في قلوب الناس وحمايتهم وحماية معيشتهم؟؟ ها هي ذي البسطات تنتشر في وسط العاصمة دمشق، والمحافظة تعدهم بفتح تجمّع للبسطات ولا تحاربهم كما تفعلون أنتم، وقد اقترحنا مسبقاً في جريدة (النور) استثمار الساحة التي تقع بجانب مديرية الثقافة وجعلها تجمّعاً للفقراء والمهجّرين.

لماذا لا تحاولون كسب المواطن وحمايته بدل من تأجيجه نفسياً وحرمانه من أبسط حق له في الحياة وهو تأمين لقمة عيشه وعيش أطفاله؟؟

الدول المتقدمة تنتشر فيها بسطات الفقراء والكادحين ويحترمونها، أما بلدية اللاذقية فهي كمن يضع السّم في الدسم تهمل مهامها الخدمية في النظافة و غيرها، وتتفرغ دورياتها لمحاربة لقمة عيش المواطن، فما الهدف من ذلك؟ سؤال نتركه مفتوحاً لعّل إجابة شافية تأتي…

العدد 1140 - 22/01/2025