في مهرجان احتفالي بذكرى الجلاء وعيد العمال…نمر: الأولوية للدفاع عن الوطن ومواجهة الإرهاب
الفساد والغلاء والنهب الطفيلي والتلاعب بالقطع الأجنبي تزيد معاناة شعبا
المجد لأبطال الجلاء وشهدائه.. والحب والتقدير لطبقتنا العاملة
ألقى الرفيق حنين نمر الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد كلمة في المهرجان الخطابي الذي أقامه الحزب بمناسبة الذكرى السبعين لجلاء المستعمر الفرنسي عن سورية، والأول من أيار عيد العمال العالم، هذا نصها:
أيها الحضور الكريم!
أحييكم أجمل تحية باسم الحزب الشيوعي السوري الموحد، وأشكر لكم تلبية هذه الدعوة للاحتفال بهاتين المناسبتين العظيمتين، عيد الجلاء، والأول من أيار عيد العمال العالمي، اللتين حرص حزبنا على امتداد عشرات السنوات على إحيائهما، فهل هناك أكثر قداسة ومهابة من إعلاء شأن الوطن وحرية الوطن والتمسك بكل حبة من ترابه؟ وهل هناك أنبل وأقوى من السواعد السمر والعقول المضيئة في حماية هذا الوطن واستمرار تطوره؟!
إن اجتماع هاتين المناسبتين يدل على الترابط الوثيق بين النضال الوطني والنضال الطبقي، وأن رأس النضالات هو النضال الوطني، فلا يمكن أن تكون هناك قضية أو همّ لأي شعب قبل أن يكون له وطن.. ومن أجل هذا الفهم للمسألة الوطنية، فقد سُمي حزبنا (حزب الجلاء)، وتدل الوثائق العديدة ومن بينها ما نُشر في الأعداد الأخيرة لجريدتنا، جريدة (النور)، ومنها ما يعود تاريخه إلى عام 1926 على أن نضال الحزب في سبيل الجلاء قد بدأ منذ ذلك التاريخ، أي غداة الاحتلال وانكشاف المؤامرة الكبرى على سورية بهدف تقسيمها إلى دويلات، وقد هبّ الشعب السوري ضدها منذ البداية وظلت سورية واحدة. وجدير بنا أن لا ننسى المأثرة الكبرى للبطل الشهيد يوسف العظمة الذي قال وهو ذاهب إلى قتال الافرنسيين في ميسلون: أنا أعرف أنهم سيتغلبون علينا، ولكن يجب ألا يقول التاريخ إن سورية قد احتُلت من دون مقاومة.
وهكذا تحررت سورية بالمقاومة المسلحة أولاً وبالعمل السياسي ثانياً، والاستعمار والاحتلال لا ينشب أظافره إلا في الأجساد الواهنة. ولو لم يتصدّ الثوار الأوائل بالأسلحة العتيقة وبالوسائل البدائية لما كنا هنا نتنفس طعم الحرية، ولما تمكن السياسيون الوطنيون من قطف ثمار المقاومة وانتزاع الاعتراف الدولي باستقلال سورية.
ما أشبه الليلة بالبارحة، وكأن التاريخ يعيد نفسه.. خمس سنوات وشعبنا السوري يعاني من غزو مجرم مدعوم من الغرب ومن حكام تركيا وبعض دول الخليج الذين يملكون المال، ولكن لا يملكون الكرامة.. غزو بربري خرج على كل المألوف في الحروب والتدخلات ولم يترك وسيلة وحشية إلا واتبعها، وهذا الغزو يتحمل مسؤولية عشرات الألوف من الشهداء، كما يتحمل مسؤولية تشريد وتهجير مئات الألوف إلى خارج القطر، لأننا الشعب المعتدى عليه. وبموجب القوانين الدولية فإن المسؤولية تتحملها كاملة عصاباتُ المرتزقة ومن هم وراءهم.
خمس سنوات وشعبنا صامد وجيشنا العربي السوري صامد ويقاتل ويحرز انتصارات متتالية، فتحية لهذا الجيش، وتحية لأرواح شهدائه، وتحية للسيد الرئيس بشار الأسد الذي يقود عملية التصدي للغزاة، والعمل من أجل حل سياسي عادل.
وقد تمكن الجيش السوري الباسل من تعطيل مشروع الفتنة في سورية بالحديد والنار، وآزرته الدبلوماسية السورية في إفشال الفتنة سياسياً، بمساعدة الأصدقاء الروس الذين يدافعون عنا وعن استقلال بلدنا والذين بقوا في سياستهم الخارجية أمناء للسياسة السوفييتية السابقة صديقة الشعوب، مما جعل الإرهابيين والمعارضة غير الوطنية يتهربون من الوساطة الدولية لإدراكهم أن السحر قد انقلب على الساحر.
وسورية اليوم تواجه احتمالات استئناف التوتر والعودة إلى إطلاق النار، كما أنها تواجه الاستحقاق العسكري أيضاً بكل ثقة بالنفس، فإما القبول بالمنطلقات المبدئية للحل السياسي الذي وضعته سورية، أو تحمّل الطرف الإرهابي المسؤولية عن استمرار سفك الدماء وانتقال الإرهاب إلى دول عديدة في المنطقة والعالم.
أيها الأصدقاء والرفاق الأعزاء!
منذ أن نال وطننا حريته عام 1946 حتى اليوم، وهو يناضل من أجل حياة أفضل لأبنائه وبناته، ولم يتوقف الصراع الطبقي يوماً واحداً على الإطلاق، ولن يتوقف مادام هناك مستثمِرون ومستثمَرون، أناس يكاد لا يحصلون على ما يسد رمقهم، والبقية يراكمون الثروات بطرق غير مشروعة على الغالب.
إن ذلك هو الفهم الحقيقي للأول من أيار عيد العمال العالمي الذي تحتفل به البشرية العاملة المكافحة في كل عام، والمفارقة في ذلك هو أن أحداث الأول من أيار هذا، قد حصلت في عقر دار الرأسمالية العالمية، وهي أمريكا التي تدعي رفاهية شعبها، وتتستر على حقيقة أن مصدر تراكم الثروة في الاقتصاد الأمريكي هو سرقة الثروات الطبيعية والمواد الأولية من البلدان النامية ونقلها إلى البلدان الرأسمالية التي تعيدها إلينا مواد مصنوعة، ليس ذلك فقط بل إنها تستغل عمال بلادها وتسرق آخر نقطة دم في عروقهم.
في سورية تحققت لطبقتنا العاملة عشرات المكاسب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ووُضعت الأسس لبناء قطاع عام قادر على قيادة الأنشطة الاقتصادية للدولة بكاملها دون المساس بحقوق القطاع الخاص الوطني والمنتج، ويحقق تعددية حقيقية لصالح الاقتصاد الوطني. وأقول هنا إن الإرهابيين استهدفوا منذ اليوم الأول لغزوتهم الإجرامية البنى التحتية التي بناها عمالنا مثل محطات الكهرباء والنفط والفوسفات والسدود وغيرها، وكأنهم بهذا الاستهداف يريدون تقويض بنية الاقتصاد الوطني وإعادة اقتصادنا إلى التبعية للغرب.. إلا أنه برز في المعركة الطاحنة ضد الإرهاب نوع آخر من الإرهاب هو إرهاب الفساد وإرهاب الغلاء الفاحش المستمر كل يوم، بل وكل ساعة.. وهناك إرهاب النهب الطفيلي المتولد عبر التجارتين الخارجية والداخلية، وإرهاب اللعب بالقطع الأجنبي الذي يحيل مئات الألوف من الناس إلى وضع أشبه بالتسول. إننا نحمّل الحكومة المسؤولية عن استمرار هذا التدهور في معيشة المتوسطين ومحدودي الدخل، ونطالب بعقد مؤتمر اقتصادي عام يضم ممثلي كل الفاعليات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، لسماع رأي الذين لم يفسح المجال لهم للإدلاء بآرائهم، ولتحديد الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية، هل هي فقط بسبب الحرب العدوانية ضد سورية، أم هناك أسباب أخرى داخلية، وتحديد كيفية معالجتها.
– تحية إلى الأسرى السوريين في سجون الاحتلال الصهيوني وإلى أبناء الجولان الصامدين في مواجهة هذا الاحتلال.
– تحية لأرواح أبطال الاستقلال ولشهداء سورية المدنيين والعسكريين، والشفاء للجرحى.
– تحية الاعتزاز ببسالة الجيش العربي السوري ضباطاً وأفراداً، وبصمود الشعب السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد.
– كل الحب والتقدير للطبقة العاملة السورية وللاتحاد العام لنقابات العمال المناضل.
– تحية للأصدقاء في روسيا وإيران والصين والمقاومة، الذين جعلوا من إفشال الهجوم البربري على سورية أمراً ممكناً.