قطاع الدواجن يئن تحت وطأة تجار الأعلاف..

الأسعار إلى ارتفاع.. وخشية من فقدان المادة في الأسواق

 أرقام جديدة تسجلها أسعار البيض والفروج، بعد أن بلغ سعر الكيلو نحو 875 ليرة، وبلغ سعر كيلو الشرحات نحو 1500 ليرة، وكيلو الوردة نحو 950 ليرة، وبلغ سعر صحن البيض 950 ليرة، وبالطبع ترافق ذلك مع بدء فصل الصيف أي أن تكاليف التدفئة لدى المنتجين أُزيحت من بند التكاليف، وبمعنى آخر يجب أن ينعكس ذلك انخفاضاً على أسعار الفروج والبيض وليس العكس،، ولا يخفى على أحد أن لقطاع الدواجن شجوناً عديدة، ففي كل فترة هناك ارتفاع لأسعار البيض أو الفروج، فما إن ينخفض السعر حتى يعاود الارتفاع مجدداً.

إذاً، ما سبب هذا الارتفاع المفاجئ في الأسعار؟ فالمتتبع لحال السوق يجد أن الفروج كانت أسعاره مستقرة نوعاً ما خلال الفترة الشهرين الماضيين، ولكن ماذا جرى؟

المدير العام للمؤسسة العامة للدواجن، المهندس سراج خضر، لفت في تصريح له، أن أسعار البيض والفروج عاودت ارتفاعها بمعدل 10 %، موضحاً أن الزيادة في الأسعار ناتجة عن ارتفاع أسعار الصرف، مما أثر على أسعار مستلزمات الإنتاج وخاصة الأعلاف، إذ زادت أسعارها بمعدل 40 % خلال الأيام الماضية، فوصل طن الذرة إلى 130 ألف ليرة، وطن الصويا إلى 245 ألف ليرة، وهذا أدى إلى خروج الكثير من المربين عن العمل وتوقف الإنتاج في الكثير من منشآت القطاع الخاص، مما خفض من كمية المادة في السوق.

إذاً، (لعنة الأخضر) طالت لحوم الدجاج وبيضه، وطالت المستهلك في الغذاء الذي اعتبره بديلاً عن اللحوم الحمراء التي لم تعد تدخل منزله إلا مرة في كل عام وبكميات قليلة جداً، هذا في حال دخلت.

 مربو الدواجن حالياً يشتكون من غياب المادة العلفية، ويأتي ذلك بعد مشكلات أخرى تتعلق بالأدوية البيطرية المتهية الصلاحية عدا الفروج مجهول المصدر الذي طرح في أسواقنا بكميات كبيرة سابقاً، ما أدى لانخفاض أسعار الفروج البلدي، عدا  الفروج المجمد الذي أثر على الإنتاج المحلي، ورغم كل هذه المشكلات التي ذكرناها سابقاً نجد أن هناك إصراراً حكومياً على أنه يوجد دعم للمربين، ويؤمّن لهم كل ما يحتاجونه، وبالطبع المربون لم يجدوا أنفسهم إلا وقد خرجوا من هذه التصريحات الحكومية خالي الوفاض دون أي دعم حقيقي على أرض الواقع.

وزارة الاقتصاد طالبت سابقاً بالتخفيف من منح إجازات الاستيراد الخاصة بالمواد العلفية وترشيدها، وهذا ما يثير استغراب المربين الذي ما زالوا يشتكون من احتكار تجار الأعلاف وتلاعبهم بأسعار هذه المادة الأساسية لقطعان الدواجن، متسائلين عن عدم تخويل مؤسسة الأعلاف باستيراد المواد العلفية الخاصة بالدواجن، بدلاً من بقاء المربين (يلاطشون) مع تجار الأعلاف والمحتكرين لها.

حالياً وسابقاً، الذي ينظر إلى قطاع الدواجن في سورية سيجد أنه يعاني من عدم التنظيم، فهو يعتبر قطاعاً عشوائياً، كما أنه لم يشمّل تحت مظلة الدعم ولا ضمن صندوق الدعم الزراعي، بالرغم من أنه يعتبر قطاعاً حيوياً ورافداً حقيقياً للاقتصاد الوطني، وكثيراً ما واجه قرارات حكومية تمثلت بفرض ضميمة على المواد العلفية وعلى واردات حبوب الذرة الصفراء وكسبة الصويا، وكذلك الأدوية البيطرية التي يفرض عليها أيضاً رسم اللصاقة، إضافة إلى صعوبات تأمين مادة المازوت للمربين، وتقدر دراسة أجراها المركز الوطني للسياسات الزراعية أن نحو 90% من مكونات علف الدواجن في سورية مستوردة من الخارج، وبالطبع فإن العقوبات الاقتصادية الجائرة والظالمة أثرت على تأمين المواد العلفية إضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار.

واعتدنا في كل عام أن نسمع الجدل بين الحكومة والمربين والمستهلكين حول قضية فتح باب التصدير للبيض والفروج، أو إغلاقه، ذلك أن فتح باب التصدير يحقق مكاسب للمربين ويعوضهم عن خسائرهم، في حين نجد المستهلك يرفض ذلك لأنه سيدفع فارق السعر من جيبه دون أن نقف على حل وسط يرضي الطرفين ويحقق الفائدة لكليهما، وبالتالي كانت النتيجة تأرجحاً في الأسعار ثم ارتفاعاً مستقراً  ثم ارتفاعاً شاهقاً دون انخفاض، ثم المرحلة الأخطر التي نخشاها وهي فقدان السلعة من السوق. ولا بد أن نذكر الجهات الحكومية الزراعية، أن سورية كانت تحتل المرتبة 48 عالمياً بإنتاج لحم الدجاج من أصل 237 دولة، بإنتاج نحو 182 ألف طن من اللحم، وفي المرتبة 39 عالمياً بإنتاج البيض من أصل 239 ، وبحسب تقرير منظمة التنمية الزراعية العربية في نهاية عام 2011 فإن سورية تحتل المرتبة الرابعة عربياً في إنتاج البيض والفروج وذلك بإنتاج يتراوح من 4 ــ 5 مليارات بيضة، متقدمة بمرتبة واحدة على المستوى العربي، وبالتالي فإن حصة السوري الواحد تتراوح بين 200 ــ 250 بيضة سنوياً.

والسؤال هنا: أين نحن الآن من هذه الأرقام والإحصائيات الإيجابية على المستويين العالمي والعربي، وهل ستبقى أسعار هاتين المادتين التي مازالت تحلق في عنان السماء؟

 نعم، نحن في حرب ولا ننكر ذلك، ولكن لماذا لا نخفف عن المربين ونزيل بعض تشعب التكاليف المفروضة عليهم؟.. ولماذا لا ننظم المهنة وندعمها لتصبح أكثر إنتاجاً وأفضل جودة؟.. الأزمة التي تواجهها سورية لها إيقاع سلبي على مختلف القطاعات، ولكن في الوقت نفسه فإن الظروف الراهنة تحتم علينا أن نعزف على وتر الاعتماد على الذات وتحمل المسؤولية أكثر.

العدد 1136 - 18/12/2024