الحكومات.. ومهارة التنصّل من الوعود!
إن الحكومات السورية المتعاقبة قد امتلكت دون شك مهارة لا يستهان بأمرها في إطلاق الوعود والتصريحات الكثيرة المتعلقة بتلبية متطلبات الشعب وحاجاته، بيد أن مهارة التنصل من هذه الوعود هي مهارتها الفعلية، ودائماً تجد المبررات للتنصل منها ومن تنفيذها.
ذلك أن من يقرأ الخطط الوزارية وبرامجها، يشعر بأن ما يفصل سورية عن باقي الدول المتطورة، ليس كبيراً، وأن البلاد أصبحت من البلاد المتطورة وأن كل ما يجري بها هو بالتمام والكمال.
إلا أن الواقع يقول شيء آخر. فالخطط موجودة بالفعل على الورق، بيد أن العمل على تنفيذها وتغيير الواقع الاجتماعي والسياسات الاقتصادية هو أمر آخر.
من حق السوريين أن يحصلوا على خدمات مقابلة في القيمة لما يدفعونه سنوياً من ضرائب ورسوم لها، وأن يشعروا بأن ما دفعوه ويدفعونه لم يذهب سدى، ولم يتبخر في جيوب الفاسدين والمفسدين، لأن المواطنة الاقتصادية تقتضي التزام كلٍّ من المواطن والحكومة بواجباته.
لقد كشفت زخّات قليلة ومحدودة من المطر فشل الخطط التنموية التي وضعتها الحكومات المتعاقبة في سورية خلال خمسين عاماً، وظهر واضحاً أن هذه الحكومات ليس لديها أية استعدادات أو جاهزية لمواجهة أبسط التغيرات المناخية (على سبيل المثال)، وبات واضحاً أن عمليات تخطيط المدن والطرقات لم ترقَ إلى حالة من التطور والحداثة، بحيث تستطيع أن تواجه أية تقلبات في المناخ، ودائماً تغيب المسؤولية، لأن الهدف من ذلك هو التستر على عمليات الفساد الكبيرة التي تسود في هذا المجال، وبالتالي فإن المساءلة عما يحدث معدومة، ومن هو المسؤول عن تحويل شوارع المدن السورية إلى مستنقعات وأنهار كلما أمطرت.
لقد بلغت قيمة الرسوم المستوفاة من المركبات عن كامل عام 2016 حسب بيانات وزارة النقل نحو 123,17 مليار ليرة سورية، وقد دخلت خزينة الدولة، وهي من رسوم السيارات فقط، وهذه الرسوم تتصاعد، فأين هي الخدمات المقابلة في البنية التحتية للشوارع وشبكات التصريف التي كشفت عن هشاشتها أمام ساعات قليلة من الأمطار؟ فكيف يمكن إقناع المواطن بأن ما دفعه لم يذهب مع الريح؟ وكيف يمكن إقناع من تضرر منزله أو سيارته بأن ما يدفعه كل عام يعود عليه بالنفع؟ إن ما يحدث لا يعدو كونه أكثر من استمرار في تدهور الحقوق الاقتصادية للمواطنين، ومادام لدى الحكومة المعدات والتجهيزات الفنية، فلماذا تبقى الطرقات وبنيتها التحتية رديئة إلى هذا الحد، ربما الفساد هو حلقة الوصل بين المليارات التي تجبى والمليارات التي تنفق!