الالتزام يعزز التفاؤل.. لكن الحذر مطلوب
وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على اتفاق الهدنة في سورية، فتحول من اتفاق بين روسيا وأمريكا إلى قرار أممي مدعوم من جميع أعضاء مجلس الأمن. القرار لم يقتصر على المطالبة بوقف الأعمال القتالية، بل حدد مرجعية واضحة للتسوية السلمية استناداً إلى مرجعية بيان جنيف 1 وإعلانات فيينا.
نص الاتفاق وقرار مجلس الأمن شكّلا إطاراً جديداً للعملية السلمية، واقترنا بخطوات محددة للأطراف المتدخلة في الأزمة السورية، وعند سريان الاتفاق بعد أن أعلنت الحكومة السورية وأكثر من 100 مجموعة معارضة ومسلحة موافقتها على بنوده، انتعشت آمال السوريين، خاصة بعد أن شهدت نقاط التماس مع هذه المجموعات هدوءاً غير معتاد، يبشر بعودة التعقل والحكمة إلى من تخلى عنهما خلال سنوات الجمر القاسية.
إن وقف الأعمال القتالية حسب قرار مجلس الأمن، ليس إلا خطوة في الطريق الآمن لحل الأزمة السورية، واستناداً إلى النجاح في إتمامها، يجري تنفيذ الخطوات التالية، وأهمها ما اتفق عليه في فيينا وجنيف، وما نص عليه قرار مجلس الأمن، إذ أكد تمسك المجتمع الدولي الكامل بسيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها.
إن إبداء التفاؤل لا يكفي حسب اعتقادنا، إذ يتطلب استمرارُ التوجه السلمي لحل الأزمة السورية من جميع الأطراف حزمةً من الإجراءات لتهيئة المناخ المناسب لإنهاء مأساة السوريين، وأهمها:
1- استمرار مكافحة الإرهاب الذي تمثله داعش والنصرة وحلفاؤهما.
2- الضغط الدولي على الجهات الداعمة للإرهاب لوقف دعمها العسكري والمالي واللوجستي، وفي مقدمة هذه الجهات السعودية وقطر وتركيا.
3- دخول أطراف التسوية إلى المحادثات دون شروط تعجيزية مسبقة، استناداً إلى الخطوات التي أقرّتها اجتماعات فيينا.
4- اتفاق الجميع على أن الكلمة الحاسمة فيما يتعلق بمستقبل سورية يجب أن تكون بلا أدنى شك للشعب السوري.
5- أن يوقن الجميع بأن إنهاء الأزمة السورية عبر الحل السياسي هو الوسيلة الآمنة الوحيدة، أما البديل فهو استمرار نزيف دماء السوريين، وتهديم ما تبقى من بنية البلاد التحتية، ومخاطر تقسيم البلاد حسب النوايا التي أبدتها أطراف متدخلة في الأزمة السورية وخاصة تركيا والسعودية.
ولا شك أن إظهار حسن النوايا من جميع الأطراف يساعد على خلق الأجواء السلمية المناسبة.
السوريون أحسوا خلال الأيام القليلة الماضية بشيء من الطمأنينة، خاصة أن الالتزام بوقف النار، وإن لم يكن تاماً، لكنه كان واضحاً، وشكّل فارقاً أدركه المواطن السوري.
كنا، وما زلنا، مع الحل السلمي لأزمة السوريين التي طال أمدها، لكننا في الوقت ذاته مازلنا نطالب بمزيد من تأمين متطلبات الصمود في وجه الإرهاب الإقصائي الفاشي.
الأيام القادمة يتمناها السوريون مؤكدة لتفاؤلهم، لكن الحذر مطلوب.