زيادات قصمت ظهر المواطن.. إلى متى؟!
لم يكد المواطن المعتّر يستفيق من صدمة صعود الدولار وهبوطه بشكل جنوني وما رافق ذلك من خوف وهلع وقلق على مكانة الليرة السوريةً وبالتالي استقرار الأسعار حتى فاجأته الحكومة – المنتهية الصلاحية بعد أداء أعضاء مجلس الشعب لليمين الدستورية والتي بحكم القانون تعتبر حكومة تصريف أعمال بقراراتها
وبغض النظر عن قانونية القرار بالزيادة القاصمة لظهر شريحة كبيرة ممن لم يعد ظهرهم يقوى على حمل قشّة فإن هذه الشريحة تنظر إلى هذه الزيادة بأنها تستهدف استمرارها وبقاءها وصمودها في وقت يراهن العالم على كسر إرادة المواطن السوري الذي بقي في أرضه ووطنه رغم الظروف القاهرة والأوضاع الإنسانية السيئة.
لن أطيل في توصيف انعكاس القرار – حكومة تصريف الأعمال – برفع أسعار المحروقات على المواطن، بل سأنقل الصوت للقارئ الكريم:
صدمة اقتصادية
في اتصالنا مع الدكتور سليمان سليمان الباحث والخبير الاقتصادي للحديث عن أثر زيادة المحروقات وتوقيت الزيادة وما تلاها من زيادة بلغت 7500 ليرة غلاء معيشة أكّد لنا أن الجميع بات يعلم أننا نتعرض لإرهاب عالمي متعدد طال البنية التحتية وقطاع النقد وأعني الليرة السورية إضافة إلى العقوبات الاقتصادية.. وإذا كان هذا الارتفاع تحت نظرية عقلنة الدعم التي طرحتها وزارة الاقتصاد وفريقها الاقتصادي بغية تصحيح الأسعار وتدوير الوفر الناتج فإننا نسأل هذا الفريق عن هذا الوفر الذي أدى إلى 7500 ليرة التي أضيفت للموظف؟ وهنا نسأل عن مصير باقي فئات الشعب ولماذا ابتعدوا عن الأفكار الخلاقة للبحث عن طريقة أخرى لا تشكل صدمة اقتصادية كما ذكرنا للمواطن.
نعلم أن هذه الارتفاعات ستتسبب بحالة جوع وإفقار للناس لاسيما أن حوالي 80 % من الشعب باتت تحت خط الفقر. وأضاف أن الزيادة البالغة 7500 ليرة ليست كافية ليتوازن هذا المواطن مع زيادة أسعار المحروقات، واختتم حديثه بسؤال: كيف لهذا القرار أن يصدر قبل يوم عطلة وبهذه الطريقة؟!!
منعكسات خطيرة
محمد عباس (مدرّس فلسفة) يرى أنه من المفروض أن تؤدي زيادة الرواتب إلى تحسين الأوضاع المعيشية، ولكن واقع الحال يشي بمنعكسات كارثية على المواطن لأن الزيادة في سوريا تترافق مع ارتفاع جنوني في أسعار السلع، والزيادة على الراتب شديدة التواضع أمام تضخم الاقتصاد في سورية.
دعم عقلاني ودعم مجنون
ومما جاء في مقال نشرته الزميلة الإعلامية سناء يعقوب على صفحتها على الفيسبوك:
… لأن القهر والفقر لا يفترقان يحار المواطن وهو يحاول إعراب كلام الحكومة وتأكيداتها المستمرة تحت عنوان (التخفيف عن المواطن ) وعلى أي سياسات اقتصادية يعتمدون في قراراتهم؟ وعلى أي مبدأ يرفعون الأسعار؟ بل ماذا تعني تبريراتهم أن رفع أسعار المشتقات النفطية هي عبارة عن عقلنة وترشيد؟!! ونسأل مع الناس عن مفهوم الدعم وعقلنته وهل هناك دعم عقلاني ودعم مجنون؟ وما هي ميزات هذا الدعم لذوي الدخل المحدود أو لذوي الدخل المعدوم، في ظل جنون الأسعار وهل هذه هي العدالة الاجتماعية التي يتغنون بها؟ ويبقى لسان حال الناس يقول: بأي ذنب تحاصرنا قرارات لا ترحم وكيف يمكن لأرواح تعبت وبطون جاعت أن تصدّق أو تصفّق لمسؤول لم تكن بوصلته يوماً المواطن؟!
يكفي مراجل.. ارحمونا!
يرى الأديب الأستاذ أحمد يوسف داود أن ما حدث من زيادة أسعار على البنزين والمازوت والغاز بنسب تقاربُ الثلثَ من القيمة السابقة لهذه المواد جاء قاتلاً لـ 80% من الشعب السوري الذين هم على خط الفقر وتحته، حسب سائر الإحصائيات المُتداولَةِ المعروفة. فهذه الزيادة سترفع أسعارَ كلِّ شيء في السوقْ.. فتدفع بتلك الغالبيةِ المُعدَمةِ إلى الهاويةْ، وبالتالي: تدفعُ بـ (الدولةَ) ذاتها نحو الخطرِ الكبيرِ عليه، خطرِ فقدانِها لولاء الموالين لها، بما يعنيه ذلك من احتمالاتٍ بالغة السوءْ!. من المفيد، دفعاً لكل المخاطر الجسيمة المحتملة، أن يجري التراجع سريعاً عن هذه الزيادات والبحث عن بدائلَ ممكنة.. ويكفينا مراجل!!
في كراج الانطلاق بطرطوس حيث كان الازدحام على أشده في ظل الأسعار التي يطلبها سائقي السرافيس من طرطوس إلى الدريكيش عبّر عدد من الموظفين والطلاب عن خيبة أملهم بهذه الحكومة وبقراراتها التي لم تراعِ أبداً متطلبات الحياة الكريمة:
أمل (طالبة جامعية) تحدثت بكثير من الأسى والألم عن معاناتها مع فوضى الأجور في طرطوس سواء داخل المحافظة أو بين المحافظة والمناطق، فالسرافيس تتقاضى المبلغ الذي تريده دون وجود تعرفة محددة، والتكاسي أيضاً لا حدود لجشع أصحابها ولا وجود للرحمة في قلوبهم في ظل غياب أي دور للرقابة وشرطة المرور الغائبين عن الكراج.
محمود (موظف) تنهد بعمق ثم قال: (أخي ماحدا مفكّر بالفقير.. الكل عم يفكر كيف رح يجمع اكتر بلا أية رحمة أو شفقة.. يبدو حكومتنا كانت مصرّة على إطلاق آخر رصاصاتها على الفقراء في هذا البلد.. نعلم أننا نمر في ظروف حرب ولكن من غير المنطقي أن تكون جيوبنا هي الخزينة التي تستمد منها الحكومة ميزانيتها.. ارحمونا)!!
أخيراً: شئنا أم أبينا فإن الزيادة قد أقرتها الحكومة وكما أن الغريق يتعلّق بقشّة فإن المواطن الذي لم يرتجِ سابقاً من مجلس الشعب أي شيء، يتعلّق هذا اليوم بقشّة الأمل التي يمكن أن تكون سبباً في نجاته إن سارت الأمواج التي تتقاذفه بسبب هذه القرارات باتجاه شاطئ الأمان.. ولننتظر!!