هل أتى على المستغلين والدولار دهر؟

 زمن ليس كسالف الأزمان، أعطى للمستغل ومعه الدولار ميزات لم يحلما بها طيلة السنين الماضية، زمن قلبت فيه كل المفاهيم وطفت على سطحه السراخس وبيوض الحشرات التي تعشق الرطوبة والعفونة، لتكبر تلك البيوض وتفقس عن فئات من المفسدين في الأرض تضم بعض كبار المستوردين والتجار.. ومقتنصي الفرص.. والمرتشين.. وليضموا إليهم وفي بوتقتهم من يتغاضى عن تحكّمهم بالسوق وبلقمة عيش المواطن الذي يئن تحت وطأة الفقر، ومخلفات الأزمة، وتحكّم الطغم الفاسدة، وصوت الدولار الهدار الذي لم يكن لا هو ولا هم شيئاً مذكوراً حتى أتى معهم هذا الزمن فعلت سياطهم وتحكّموا بالعباد.

قامت الحكومة بالتدخل مباشرة للحد من الارتفاع الخرافي للدولار، فهبط إلى مستوى مقبول نوعا ما، مما أعطى الشارع السوري ارتياحاً غير مسبوق لإجراءات الحكومة وأملاً واعداً ان تنخفض الأسعار على إثر هذا الإجراء، وهذه الخطوة الجيدة سيكون لها أثرها على السوق السوداء الذي سيتعرض حتماً لمحاصرة المصرف المركزي بالتعاون مع الحكومة، لمنعه من استغلال ذلك التدخل وإفشاله لصالح مجموعة من المضاربين وتجار العملة..

ولكن باءت كل التوقعات بالخيبة فعلى الرغم من خفض قيمة الدولار مقابل الليرة إلا أن شيئاً لم يتغير، فالأسعار ظلت تواصل الارتفاع والتاجر ظل على موقفه يتحكم بالأسعار على الرغم من هبوط قيمة الدولار. إذاً، ما الجدوى الاقتصادية أولاً، والاجتماعية والنفسية لهذه الحركة الميمونة من الحكومة المباركة بالتدخل؟ أولم يذهب جهد البنك المركزي وحاكمه هباء منثوراً؟ يقول أحد المحللين الاقتصاديين إن عدم تأثر الأسواق المحلية بتراجع سعر الصرف يعود إلى عدم الثقة بإمكانية استقرار السعر في ضوء الظروف الحالية، فما الضامن لعودة ارتفاعه من جديد كما حصل خلال الأعوام الخمس الماضية؟ أما السيد نادر ج. وهو خبير اقتصادي في إحدى مؤسسات الدولة فقد قال إن هذا الأمر بضبط السوق يتطلب تنسيقاً مباشراً داخل الفريق الحكومي، وإلا فإن خفض سعر التدخل سيبقى بلا أثر شعبي، أو على الأقل سيكون إضاعة لجهود المركزي بخفض سعر الصرف في الوقت الذي تفشل فيه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في إلزام التجار بخفض أسعار السلع والمواد الغذائية إلى مستويات مقبولة. وفي موازاة الإجراءات يفترض أن تعمل الحكومة على إجراءات وخطوات تدعم ما سبق وتحدث أثراً طويل الأمد على واقع الأسواق وأسعارها والقدرة الشرائية للمواطنين..

أما المقترحات لتنفيذ كل هذا وضبط الأسواق فهي مقترحات يتداولها معظم المحللين الاقتصاديين، فأول اقتراح هو إيقاف عمل شركات الصرافة فوراً، وثانياً تأمين قطع أجنبي لاستيراد الضروري فقط وليس الكمالي وعن طريق المصارف تحديداً وفق قائمة لأهم المستلزمات الحياتية ومستلزمات قطاعات الإنتاج، ثالثاً: إعادة الإقراض المصرفي للمنشآت السورية القادرة على التصدير مع تعهد ببيع جزء كبير من الإيرادات التصديرية للبنك التجاري السوري..كل هذه المقترحات تصب في تطلعات السوريين وأملهم أن يوضع حد لتخلخل سعر الصرف وتذبذبه في كل يوم.

العدد 1136 - 18/12/2024