الإرهاب يتوسّع عربياً
كلما أصيبت المنظمات الإرهابية بضربات مؤلمة، في سورية والعراق، نقلت هذه المنظمات ميادين قتالها إلى أجزاء أخرى من الوطن العربي. فمنذ أكثر من أسبوعين، يدور القتال في تونس، التي ركّز الفكر التكفيري نشاطه فيه منذ سنوات، تحت عباءة حزب النهضة، مستفيداً من التواطؤ الضمني الذي تمارسه الأحزاب الليبرالية تجاه الإرهابيين.
وفي مصر تنشط (داعش) في محاولة لعزل صحراء سيناء عن مصر، وذهب ضحية آخر (غزوة) إرهابية فيها 13 شهيداً من أفراد الشرطة المصرية، ويزداد الوضع المصري احتقاناً، بسبب تزايد الإرهاب الداعشي والإخواني على حد سواء.
أما في الجزائر، صاحبة الباع الأكبر في مقارعة الإرهاب الذي شهدته على مدار عشر سنوات، وأودى بحياة ما لا يقل عن 100 ألف ضحية في تسعينيات القرن الماضي، فقد أطلت المنظمات الإرهابية برأسها من جديد، معلنة عزمها على زعزعة استقرار الجزائر الشقيقة. ويستمر النشاط الداعشي أيضاً في ليبيا التي ذاقت الأمرّين من إرهاب المنظمات التكفيرية، خاصة داعش، ومن التدخل العسكري الأوربي، ومن محاولات تقسيم هذا البلد العربي الشقيق الذي تتحمل بلدان الإمبريالية العالمية مسؤولية تدميره وتقسيمه.
ويشهد اليمن حالياً أكثر عمليات التدمير الممنهج للبنى التحتية والمشافي والمدارس وحشية، وينتشر الجوع والمرض وتفتيت الجثث على يد مرتزقة آل سعود، الذين ما يزالون يمارسون وحشيتهم على الشعب اليمني، رغم المحاولات القاصرة حتى الآن للتهدئة ووقت القتال.
إن هذا الإرهاب المتمدد أفقياً في أرجاء الوطن العربي، لم يأت عبثاً، وهو جزء من المخطط الأمريكي- الإرهابي- الصهيوني بطبعته الجديدة وتكتيكاته المتعددة، الذي انفجر دفعة واحدة في سورية منذ خمس سنوات، وما يزال، والذي تتواطأ وتتحالف معه الرجعية العربية المتمركزة في السعودية، التي انتقلت إلى مرحلة جديدة تكتسب طابع الهجوم الوحشي على سورية والعراق، وطابعاً آخر متمثلاً بالحرب الفكرية تحت عباءة الصراع المزوّر(السني- الشيعي)، وهي أخطر حرب عرفتها الأمة العربية حتى الآن، ويجب على كل ذي ضمير ووجدان من أبنائها عدم الانخداع بها.
إن العدو الإرهابي التكفيري الإمبريالي يستفيد من التمزق على مستوى الشارع العربي، إذ لا نراهن نحن أو غيرنا على انحياز الطغم الرجعية العربية السوداء إلى جانب شعوبها، ضد هذا المخطط، بل نراهن على تنسيق عالي المستوى بين القوى الوطنية والقومية والاشتراكية العربية على امتداد الوطن العربي، وإقامة تحالفات إقليمية ودولية راسخة، تكون مهمتها الرئيسية دعم محور المقاومة الوطنية الذي سجل نجاحات كبيرة في مساعدة سورية على إيقاف زحف الإرهاب، ومساندة الشعب الفلسطيني وانتفاضته المجيدة في التصدي للعدو الصهيوني.
إن وطنية المعركة العربية ضد الحلف الإرهابي الامبريالي، وقوميتها وأمميتها، هي أمر لم يعد مشكوكاً فيه، لكن الفعل الشعبيّ العربي الموحد ما يزال بطيئاً ومحدود الفاعلية، والأمر يتطلب من القوى الشعبية العربية إيجاد إطار تنظيمي يضع التوجهات السياسية الرئيسية له، كي تستطيع هذه القوى أن تنهض من جديد على أسس واضحة، في سبيل إحياء حركة التحرر الوطني العربية بشكل يواكب المستجدات الوطنية العربية.