الفرّوج بين المربّين والإجراءات الحكومية..والمستهلك ينتظر ويأمل أن لا يُحرَم منه أيضاً

 نداء استغاثة أطلقه مربّو الفروج مؤخراً حول انهيار حاد في أسعار الفروج دون التكلفة، مما يعرضهم لخسائر فادحة قد تخرج أكثرهم عن دائرة الإنتاج، وبالتالي عودة أسعار الفروج للارتفاع مجدداً بعد أن انخفضت إلى النصف تقريباً مقارنة مع الشهر الماضي.

النداء الذي أطلقه مربو الفروج، أكده المستشار الفني لاتحاد غرف الزراعة السورية عبد الرحمن قرنفلة الذي أكد في تصريحه لـ(النور)، أن انهياراً حاداً تعرضت له أسعار مبيع لحم الفروج في الأسواق المحلية لما دون التكلفة الفعلية، متأثراً بعوامل متداخلة يأتي في مقدمتها زيادة حجم العرض مدفوعاً بمكاسب مرتفعة كان حققها بعض المنتجين الذين طرحوا إنتاجهم خلال شهر رمضان المنصرم، مما شجع باقي المنتجين على الاندفاع بكثافة للإقلاع بدورات إنتاجية جديدة، ودون أي توجيه من الجهات المعنية، كما ساهم انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين في كساد المادة، وتدهور أسعارها في وقت يحتاج حفظها لفترة زمنية إلى عملية تبريد تفتقر إليها كثير من محلات بيع لحوم الفروج، في ظل الانقطاعات المتتالية للتيار الكهربائي، كما كان تأثير الفروج المجمد والمهرب في فترة مبكرة من هذا الشهر صادماً لأسعار مبيع الفروج المحلي، بينما أصبح خلال الفترة الراهنة غير مجدٍ اقتصادياً بفعل تدهور أسعار مبيع الفروج المحلي.

وأضاف قرنفلة: المنتجون يتطلعون إلى تنفيذ فوري لتوجيهات رئاسة مجلس الوزراء بتوجيه المؤسسة العامة للخزن والتسويق استجرار كميات من لحم الفروج بأسعار مجزية وتخزينها، إلى فترات انحسار حجم المعروض وارتفاع الطلب، فمن المتوقع إزاء الخسائر الراهنة خروج دفعات جديدة من المربين الذين تعرضوا للخسارة من حلقات الإنتاج لتعاود أسعار الفروج للارتفاع بشكل أكبر.

ويتوقع مراقبون أنه في حال عدم تدخل مؤسسات الحكومة وإنقاذ الأسعار المتدهورة فمن المتوقع أن يشهد الشهر القادم ارتفاعاً في أسعار لحم الفروج أكثر ضراوة من الأسعار التي كوت جيوب المربين خلال شهر رمضان الماضي. وأدت إلى تراجع كبير في نصيب المواطن من اللحوم في ضوء عجزه عن توفير حاجته من لحوم الأغنام والأبقار.

قرنفلة رأى أنه من الضروري جداً تأسيس اتحاد مهني لمنتجي الدواجن تكون مهمته ضبط إيقاع تشغيل المداجن وإحداث توازن بين العرض والطلب عبر دراسة السلاسل التاريخية للإنتاج وتنبؤات حركة الأسواق وفق أسس علمية وإحصائية تساهم في خفض تكاليف الإنتاج وتنظيم حركة الأسواق والقضاء على الفوضى والعشوائية فيه.

ووفقاً لهذه المعادلة نرى أن أسباب ارتفاع أسعار الفروج تنحصر بانقطاع الكهرباء وخروج المربين لتعرضهم للخسائر وكساد المادة لارتفاع أسعارها، عدا صعوبات تأمين الأعلاف للمربين، ولكن رغم ذلك قامت الحكومة مؤخراً باتخاذ العديد من الإجراءات أهمها إقرار مجلس الوزراء السماح باستيراد الأعلاف مع إيجاد آلية دعم حكومي لمعامل الأعلاف المحلية بهدف الوصول إلى سعر أقل وتنافسية مطلوبة وإعطاء دور أوسع للمؤسسة العامة للأعلاف لتأمين المقننات العلفية لمربي الدواجن والطلب من المؤسسة العامة للخزن والتسويق إيجاد آلية لتخزين فائض الإنتاج بهدف تحقيق التوازن السعري في السوق إضافة إلى إطلاق مشروع التربية المنزلية للدواجن وتأمين المتطلبات اللازمة له.

ونعتقد أن مع هذه الإجراءات يمكن دعم قطاع الدواجن وعدم تكرار السيناريو الذي حدث خلال الأشهر الماضية، ولكن بالمقابل يرى أحد مربي الدواجن في تصريحه لـ(النور)، أن هذه الإجراءات جيدة ولكن تحتاج إلى وقت لكي يستطيع المربي أن يلمسها على أرض الواقع وبالتالي المستهلك، مشيراً إلى أن دخول الفروج والبيض المهرب من تركيا أثّر كثيراً على خلخلة السوق المحلي، وخاصة أن البيض فاسد، ويتم تسويقه على الأطباق المحلية، أي لا يستطيع المستهلك معرفة أن البيض مهرب أو فاسد إلا إذا قام بهز البيضة فإذا اهتزت فتعتبر فاسدة.

ولفت إلى أن أسعار الفروج والبيض قد تبقى مستقرة في حال عدم دخول المهرب إلى الأسواق المحلية والتنفيذ السريع لتوجيهات الحكومة التي أقرت مؤخراً، فيجب استجرار الكميات الفائضة عن السوق لمؤسسات التدخل الإيجابي لمعاودة طرحها عند نقص المعروض في السوق ولمنع ارتفاع أسعار هاتين المادتين، وخاصة أن أفواج الفروج تحتاج إلى 45 يوما على الأقل لكي لتُطرح في السوق أي ربما يحدث فجوة في العرض وقد تسبب ارتفاعاً في الأسعار.

ومن خلال ملاحظة ومتابعة الأسواق فقد أحجم المستهلك مؤخراً عن شراء الفروج وأجزائه نتيجة بلوغه أرقاماً قياسية لم تسجل في تاريخ الأسواق السورية، فقد بلغ سعر كيلو الشرحات الشهر الماضي نحو 3200 ليرة وهو رقم ضاهى به اللحوم الحمراء، وهذه الارتفاعات دفعت المستهلك للإحجام عن شراء الفروج، أي منع اللحوم بشتى ألوانها الحمراء والبيضاء، وحالياً بعد انخفاض أسعاره يأمل المستهلك من تدخل حكومي يجعل أسعار الفروج منخفضة وفي الوقت نفسه لا يعرض المربي للخسائر وذلك عبر دعم المربي بشكل أكبر وتوفير احتياجات إنتاجه بشكل دائم وسهل، وكسر احتكار مستلزمات الإنتاج.

والجدير ذكره أن تكلفة إنتاج الكيلو غرام الحي من لحم الفروج حالياً تتراوح بين 650- 700 ليرة بينما يباع بأسعار تتراوح بين 550-600 ليرة للكيلو الحي مما يلحق خسائر فادحة بالمربي. بينما هناك تكاليف إضافية تتعلق بسلاسل النقل من المداجن إلى المسالخ، ونفقات الذبح والتجهيز، ثم نفقات النقل والتوزيع، وأرباح محلات بيع لحم الفروج النيئ، أو محلات بيع الفروج المشوي بأشكاله المختلفة. حيث يباع كيلو لحم الفروج المذبوح والمنظف حالياً بنحو 886 ليرة وهو اقل من السعر المحدد في قوائم التسعير المعتمدة من (وزارة التجارة الداخلية) مما يؤكد خضوع سعر المادة لمبادئ العرض والطلب في الأسواق، ولا بد من الإشارة إلى أن سعر كيلو غرام لحم الفروج خلال شهر رمضان قد لامس عتبة الـ1200 ليرة سورية لمحلات البيع المباشر للمستهلك.

العدد 1136 - 18/12/2024