ارفعوا الحصار الاقتصادي الظالم على سورية الحصار خلق أثرياء الأزمة.. ووسّع بؤر الفاسدين والمضاربين

واجه الاقتصاد السوري أزمة السوريين بهياكل اقتصادية هشة، فقد تراجعت حصة القطاعات المنتجة من الناتج المحلي الإجمالي، بين أعوام 2006-،2011 في حين قفزت مساهمة التجارة والعقارات والقطاعات الريعية إلى مستويات قياسية، ونما دور ممثلي الوكالات والشركات الأجنبية وسماسرة الصفقات الحكومية والخاصة، وبلغت مؤشرات الفساد حداً مقلقاً مارس تأثيره المدمر على بنية اقتصادنا الوطني.. وأيضاً على مشاعر الفئات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة، وبرزت فئات طفيلية جديدة كدست المليارات، ونشرت الصحافة المحلية آنذاك بعضاً من الفضائح التي فوّتت على الخزينة العامة مليارات ومليارات.

في بداية الأزمة.. فرضت الولايات المتحدة وشركاؤها الأوربيون حصاراً اقتصادياً ظالماً على سورية، فتوقفت أنشطة التجارة الخارجية، تقريباً، وجرى استيراد كميات لا تفي بحاجة المواطنين السوريين من السلع الأساسية، بأسعار تزيد بنسب تتراوح بين 300-800%، متأثرة بارتفاع أسعار القطع الأجنبي بسبب الحصار، وفقد أكثر من مليوني مواطن أعمالهم ومداخيلهم الناتجة عن استثماراتهم الخاصة الكبيرة والصغيرة، وارتفعت أسعار جميع السلع والخدمات، وأدى توسع بؤر الفقر الذي تجاوزت نسبته 70% إلى تراجع الالتزام بالمبادئ الاجتماعية.. والأخلاقية التي تربى عليها السوريون.

لقد عزز الحصار البيئة المناسبة لنمو أثرياء الأزمات.. والسماسرة.. والمتلاعبين بالأسواق.. والمحتكرين.. والفاسدين العلنيين والمتلطّين، ووجدت في سورية، بسبب الحصار وشحّ السلع، وتراجع إيرادات الخزينة، وتقصير الحكومات المتعاقبة، وجدت نشاطات لم تكن معروفة.. مرتبطة بشكل مباشر بالظروف الاقتصادية التي تسبب بها الحصار الظالم، كسماسرة الخبز.. ومدبّري المشتقات النفطية.. وبدلاء للوقوف في طوابير الانتظار.. ومزوّري الوقائع الناتجة عن مفاعيل الأزمة.. وعصابات الخطف بقصد الابتزاز.. ومسهّلي اجتياز الحواجز… وغير ذلك!

إن الأضرار الناجمة عن نشاط هذه الفئات الفاسدة راكمت معاناة السوريين، إضافة إلى ما قاسوه من الهجرة القسرية وتدمير المنازل والحقول والبساتين ومصادر الرزق الأخرى..

صحيح أن الفساد والممارسات غير القانونية كانت تنخر في جسد الاقتصاد السوري قبل الأزمة، لكن الصحيح أيضاً أن دور الفاسدين.. والمضاربين في الأسواق السوداء.. والمحتكرين، خلال الأزمة، تحوّل من النخر، إلى استغلال ظروف الأزمة لضرب الاقتصاد الوطني برمته.. والعمل على عرقلة أي تسوية تُنهي عذابات السوريين، وذلك بهدف جني المزيد من الأرباح.. لقد تحول هؤلاء إلى دواعش، لا تقلّ وحشيتهم عن وحشية الإرهاب الفاشي المدجج بالصواريخ، والسواطير، والعبوات الناسفة..

أوقفوا الحصار الظالم على سورية.. كي يتسنى لشعبنا الصابر لجم هؤلاء.

العدد 1140 - 22/01/2025