انتخابات الرئاسة الفرنسية وتداعياتها عربياً ودولياً
جرت الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية، في ضوء الضربات الإرهابية التي شهدتها فرنسا خلال الفترة الماضية، والتي كان من أسبابها تهاون السلطات الفرنسية مع الإرهاب، بل دعمها له في سورية..
وشهدت العاصمة الفرنسية باريس خلال الجولة المذكورة تظاهرات تحت اسم (ليلة المتاريس) فرّقتها الشرطة باستخدام القوة والقنابل الدخانية والغاز المسيّل للدموع والهراوات، ما أدى إلى سقوط جرحى من المحتجين على أثر الاشتباكات بينهم وبين عناصر الشرطة، حسب التقارير الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي.
وقد فاز في الجولة الأولى مرشح حركة (إلى الأمام) إيمانويل ماكرون، بالمركز الأول، فيما تلته بالمرتبة الثانية مارين لوبان، وبذلك تأهل المرشحان إلى المرحلة الثانية التي ستجري يوم السابع من أيار،
علماً بأن الفارق بينهما كان اثنين بالمئة فقط، والسؤال من هو ماكرون؟ وكيف ولماذا تقدم في هذه الجولة رغم أنه غير معروف كرجل مارس السياسة طويلاً؟
لاشك بأن هناك قوى خلفية وراء هذا التقدم أو الفوز؟
بداية تجدر الإشارة إلى أن ماكرون هو موظف مخلص لمؤسسة (روتشليد) اليهودية التي تشكل قلب الصهيونية والليبرالية المتوحشة والمصارف والشركات الكبرى في أوربا، وكل هذه الجهات وقفت وراءه ودعمته بتمويل حملته الانتخابية والدعوة إلى الانضمام إلى حزبه الذي تأسس قبل عام فقط،
وهو بالأصل لم يمارس العمل السياسي إلا سنوات ثلاث فقط، قبل أن يعينه فرانسوا هولاند وزيراً للاقتصاد، ليمثل التكتلات الاقتصادية والمالية في الدولة الفرنسية وأوربا عامة، بعدما كان أيضاً قد عينه موظفاً برتبة معاون الأمين العام لرئاسة الجمهورية.
إذاً ماكرون هذا هو أولاً مرشح المصارف والشركات الكبرى في فرنسا، وفي أوربا بشكل عام، وهو ثانياً، مرشح علني لـ(الماسونية) التي أعلنت محافلها ومنابرها في فرنسا وغيرها من الدول الأوربية مساندتها له،
وهو ثالثاً مرشح مساند لمواقف إسرائيل والسعودية في منطقة الشرق الأوسط، بحيث يواصل سياسة هولاند الموالية لهذين الطرفين، إلى جانب ذلك هو لا يتمتع بدعم هولاند كما يظن البعض، لأن شعبية الأخير بين الفرنسيين تدنت في المرحلة الأخيرة إلى أقل من 7%.
إن الحملات المنظمة لاستطلاعات الرأي كشفت الحماسة التي تبديها وسائل الإعلام الأمريكية والغربية عموماً، والتركية والسعودية تجاه ماكرون، ولا يمكن إيجاد جذور لها عند الحديث عن شخص مثل ماكرون جاء من الغيب، وكأنه هبط بالمظلة على الفرنسيين،
إذ لا يملك تاريخاً كزعيم يعمل في السياسة، أو كرجل أعمال اقتصادي، أو حتى كمرشح له حضور سياسي وإعلامي قبل ترشحه، وبالتالي يتضح أن أيادي فاعلة وقادرة تقف وراءه بحيث لا تدع الفرنسيين يذهبون إلى جهة أخرى في سياستهم الشرق أوسطية والعالمية عامة.
بمعنى أن نجاحه يعني الحيلولة دون انفتاح فرنسا على روسيا والتعاون مع بوتين، ومراجعة سياستها العدوانية تجاه سورية، والابتعاد عن حلف الناتو أكثر، والاعتراف بدولة فلسطين، وبالتحديد فإن فوز ماكرون في الجولة الأولى هو ثمرة جهود أمريكية إسرائيلية تركية سعودية،
حتى لا تقع فرنسا في حضن روسيا، وكي لا يتشظى أكثر الاتحاد الأوربي، لأن خروج فرنسا منه يعني انفراط عقده تماماً، وليس كخروج بريطانيا الذي لم يؤثر عليه كثيراً.
وهكذا يمكن القول بإيجاز إن فوز ماكرون هو لغز من الألغاز، إذ كيف يمكن لمرشح أسس حزباً منذ عام واحد، أن يفوز ويتحول إلى مرشح يكتسح الانتخابات، وهو آت من العتمة، ودون مؤهلات، وبلا تاريخ سوى عمله في مؤسسة (روتشيلد) اليهودية؟
كل ما في سيرته ألغاز ومفاجآت، فهو المتمسك بالناتو، والمنادي بالعداء لروسيا، وبتوطيد العلاقة مع إسرائيل والسعودية وتركيا،
وبالتالي فألغاز ماكرون تشبه انتصار ما يسمى (الربيع العربي) وقد قال بعض مناصريه:
إنه نقل الربيع العربي إلى فرنسا، وهو حقاً يمثل الجيل المعولم الذي يتحدث الإنكليزية بطلاقة، ويستمع لموسيقا (الروك) وبالتالي يبدو واضحاً أن هناك تعاوناً سياسياً استخبارياً مع المال السعودي في معركة الفوز بالانتخابات الفرنسية.
* كتب هذه المادة قبل نتائج الانتخابات الفرنسية.