المعالجة المتعثرة للقروض الصناعية «المتعثرة»!
في إطار العمل الحكومي على معالجة مسألة الديون المتعثرة، كُلِّفت لجنة خاصة لدراسة إصدار صك تشريعي خاص بجدولة ديون الصناعيين المتعثرين والمتضررين نتيجة الأوضاع التي تمر بها البلاد.
نتائج عمل اللجنة لم تظهر حتى الآن في الوقت الذي يتطلب من القائمين عليها والمشاركين فيها إعطاء الأولوية، بأقصى سرعة ممكنة، لإنجاز عملها ومناقشة النتائج والمقترحات التي توصلت إليها، والتي يفترض أن تنطلق أساساً من استبعاد إجراءات الحجز ومنع السفر والتصرف بالضمانات كما حدث بالنسبة للبعض، لأن وضع هؤلاء الصناعيين يختلف كلياً عن وضع المقترضين الآخرين.
أسئلة كثيرة تطرحها عملية المعالجة المتعثرة للديون المتعثرة حتى الآن، أهمُّها أنه قبل البحث في جدولة ديون الصناعيين المتعثرين الذين دُمِّرت ونُهبت منشآتهم، يجب أن يُسأل: بأيّ منطق يمكن أن نطالب صاحب منشأة صناعية جرى تدميرها ونهبها بتسديد قرض استُخدم في إقامتها أو/ و تشغيلها ولم يبق منها كلها شيء يُذكَر، في الوقت الذي يقتصر تعويض المتضررين على البناء فقط دون الآلات والتجهيزات وبسقف 10 ملايين ليرة سورية فقط؟ ومن المنطلق ذاته نسأل: كيف يمكن مطالبة صناعي بقرضٍ وقد بقي في البلاد ولملم ما تبقى لديه ليعاود ممارسة عمله في قبو أو مخزن أو مسكن فوق الأرض أو تحتها، وما يزال يجاهد في ذلك رغم ضخامة الصعوبات والعقبات التي تواجهه، من الكهرباء إلى المحروقات مروراً بالنقل والخدمات الأخرى وصولاً إلى النقص الكبير في اليد العاملة الفنية؟
مثل هذه الحالات الكثيرة والمشابهة في حلب ودمشق وحمص وحماة وغيرها لا تتطلب كل ذلك الوقت ولا كل هذه الدراسة، لأن المنطق والعدل يقولان إن المنشآت الصناعية المدمرة هي جزء من الخسائر الوطنية التي يجب ألا يطالب مَن كانوا ضحاياها بتحمّل الخسائر مرّتين: الأولى بسبب تدميرها، والمرة الثانية في إعادة تأهيلها وتشغيلها. من هنا فإن إعفاء أصحاب المنشآت الصناعية المدمرة من القروض الممنوحة لهم هو الحل العادل الذي يخفّف خسارة الصناعي المتضرر، من جهة، ومن جهة ثانية سيحفزه على متابعة العمل أو معاودته من خلال إعادة تأهيل منشأته وتشغيلها.