المساعي السلمية أو التصعيد بانتظار الفائز بالبيت الأبيض و الإرهابيون «المعتدلون» يفشـلون الهـدنة الثالثة في حلب!

 بعد ساعات من صدور عددنا هذا، سيعرف الناس في أصقاع الأرض اسم الفائز بالسباق نحو البيت الأبيض، وسيعلم الجميع أياً من المرشحين نال الحظوة لدى المجمّع المالي.. الصناعي العسكري.. الصهيوني، الذي يُعد الموجه الفعلي للسياسة الأمريكية.

ونعتقد جازمين بأن المراهنة على هذا السباق، وترجيح أفضلية الفيل أم الحمار، فيما يتعلق بنجاح المساعي السلمي لحل الأزمة السورية، هي مجازفة كبيرة قد تدفع بمرتكبيها إلى خسارة مؤلمة.. إذ يمكنك في هذا السياق المراهنة على عدد بؤر التوتر التي سيخلقها هذا المرشح أو ذاك، أو عدد (الثورات) المخملية التي سيصنعونها في هذا البلد المستقل عن السياسات الأمريكية أو ذاك، أما المراهنة على نجاح الفيل أو الحمار في إطفاء البقع الدولية والإقليمية المشتعلة، والسعي من أجل عالم أكثر أمناً وسلاماً، فيتنافى مع تجارب الشعوب في التاريخ المعاصر، وخاصة مع تجربة شعبنا منذ مرحلة ما بعد الاستقلال وحتى تورط الأمريكيين في تشجيع الإرهابيين ودفعهم إلى غزو سورية، وهدم كيان الدولة وتقسيمها حسب مخطط التفتيت الذي اعتمدته الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تمهيداً لشرق أوسط جديد تحركه أصابع الأمريكيين والصهاينة.

لذلك يدرك المواطنون السوريون اليوم أن نجاح أي مسعى سلمي لأزمتهم أصبح مرتبطاً أكثر فأكثر بنجاحات الجيش السوري، بمساعدة الأصدقاء الروس في توجيه الضربة تلو الضربة إلى الإرهابيين الفاشيين، وخاصة في حلب والرقة ودير الزور.. وهذا ما نصت عليه جميع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، التي دعت إلى حل الأزمة السورية على قاعدة مكافحة الإرهاب.

لقد أفشل الإرهابيون (المعتدلون) حلفاء النصرة وداعش كل مساعي التهدئة في حلب، ورفضوا الهدنة الثالثة التي أعلنتها روسيا وسورية يوم الجمعة الماضي 4/11/،2016 ومنعوا سكان المنطقية الشرقية في حلب من الخروج، مستمرين في استخدامهم دروعاً بشرية، رغم أن الجيش السوري خصص أربعة ممرات لخروج السكان إلى مناطق حلب الآمنة، وممرين للمسلحين للخروج بأمان إلى منطقة إدلب. ويبدو أن اقتحام هذه المنطقة أمسى حلاً وحيداً لتحرير حلب من الإرهابيين، مع ما يحمله هذا الاقتحام من مخاطر قد تؤدي إلى تضرر السكان الآمنين، ونزف المزيد من الدماء.

البيت الأبيض أعلن منذ أيام من عدم وجود نية لدى الأمريكيين بالعودة إلى الحوار مع الروس حول الوضع في سورية، وبكلمة أخرى فهم ماضون في التصعيد، ودعم حلفائهم في النصرة وشركائها، ومستمرون في دعم الإرهابيين ومساندتهم بكل الوسائل لإنجاح مخطط هدم الدولة السورية وتقسيمها.

لقد ملأ الأمريكيون العالم ضجيجاً حول حملتهم المزعومة على الدواعش في الرقة، وعزمهم على تحريرها، بل راحوا ينشرون في الإعلام خططهم وتحالفاتهم مع شركائهم الأوربيين والخليجيين.. بهدف تحرير الرقة، لكن المفاجأة كانت بإنابة (قوات سورية الديمقراطية) بهذه المهمة، هذا ما أكدته وسائل الإعلام عن بدء عملية تطويق الرقة بهدف تحريرها، وتولي إخواننا الأكراد هذه المهمة مع ما تحمله من مخاطر في ظل تربص تركي ومراوغة أمريكية، وخصوصيات تتعلق بالعلاقة بين الإخوة العرب والأكراد في هذه المنطقة السورية.

لقد كتبنا سابقاً، ونؤكد اليوم حرصنا على العيش المشترك مع إخوتنا الأكراد السوريين في سورية الواحدة.. الموحدة بمكوناتها الاجتماعية والإثنية والدينية، ونبهنا كذلك إلى خطورة الاعتماد على الأمريكيين في رسم مستقبل إخوتنا الأكراد، بل السعي مع جميع مكونات شعبنا الأخرى وفئاته الاجتماعية المختلفة لرسم مستقبل سورية التي تضمن لمواطنيها حقوقهم السياسية وحقوق المواطنة والعيش المشترك..

المواطنون السوريون رغم ضائقتهم المعيشية والأثمان الباهظة التي دفعوها في مواجهة الإرهاب خلف جيشهم الوطني الباسل، يعيشون اليوم على أمل طرد الإرهابيين من جميع الأراضي السورية، وتوافق جميع السوريين على سورية الغد.. سورية الديمقراطية العلمانية.

العدد 1140 - 22/01/2025