لافروف يحدد مهمة روسيا الرئيسة في سوريا

ريابكوف : روسيا قلقة من توظيف جهود عسكرية لتغيير النظام في سورية….تشوركين :روسيا ترفض تحقيق أهداف سياسية تحت ذريعة المساعدات الإنسانية

 أدلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بحديث لصحيفة (كورييري ديلا سيرا) تحدث فيه عن الرؤية الروسية لمستقبل سورية. وقال سيرغي لافروف إن مهمة روسيا الرئيسة في سورية هي العمل لكي يظهر لدى السوريين الأمل في مستقبل أفضل والعيش في دولة علمانية حرة تعيش فيها كل المجموعات الدينية الإثنية بسلام ووئام.

وأشار لافروف إلى أن روسيا منذ بداية الأزمة السورية، دعت ولا تزال إلى تسوية بالوسائل السياسية والدبلوماسية – من خلال إطلاق الحوار الشامل بين السوريين. وكانت كل التصرفات الروسية تتوافق مع معايير القانون الدولي.

ونوه بأن روسيا تدعو من جديد الشركاء الغربيين والإقليميين للتخلي عن محاولات هندسة جيوسياسية للمنطقة واحترام سيادة أراضي الجمهورية العربية السورية ووحدتها والمساهمة معا لتحقيق الهدف الرئيس: عودة هذه الدولة إلى الحياة الطبيعية السلمية. وأشار لافروف إلى أن القوة الجوية الروسية الموجودة بطلب من السلطات الشرعية السورية وجهت ضربة جدية للإرهابيين الذين يتلقون الدعم والمساعدة من الخارج.

وشدد على أن حل كل مشاكل سورية يجب أن يتحقق على أيدي السوريين أنفسهم دون تدخل من الخارج، وهم الذين يجب أن يتفقوا فيما بينهم على شكل بنية دولتهم ومن ثم يحددون بالطرق الديمقراطية من الذي سيحكمها.

وقال إنه يجب قبل كل شيء ضمان السلام والأمن والقضاء على البؤرة الإرهابية في سورية. وأكد ضرورة تشكيل جبهة عريضة معادية للإرهاب على أساس المعايير القانونية الدولية المعتمدة. ونوه بأن الرئيس فلاديمير بوتين قدم مبادرة حول ذلك في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي.

وقال لافروف إن روسيا تساعد في خلق بيئة مواتية للحوار بين السوريين ودعم عمليات وقف القتال والتهدئة في المناطق المختلفة، وهي تعمل بشكل حثيث مع فصائل المعارضة المسلحة من خلال مركز المصالحة في حميميم.

وتطرق لافروف في حديثه إلى نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية ودحض المزاعم الخاصة بتدخل روسيا في الحملة الانتخابية في تلك الدولة، وكذب كذلك كل الاتهامات المتعلقة بتدخل الهاكرز الروس في الحملة الانتخابية الأمريكية.

وقال لافروف إن روسيا تأمل بأن الإدارة الجديدة المقبلة في واشنطن لن تكرر أخطاء الإدارة الحالية التي تعمدت تسميم العلاقات الروسية – الأمريكية وتخريبها. ومن جهة ثانية قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف (الأربعاء 30 تشرين الثاني)، بأن موسكو قلقة من توظيف البعض لجهود عسكرية بهدف تغيير نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وفي معرض تعليقه على تصريح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي أعلن فيه أن الجيش التركي بدأ عمليته في سورية لإنهاء حكم الأسد، قال ريابكوف للصحفيين: (لم تكن لدينا يوماً أي أوهام حول أهداف الولايات المتحدة وعدد من حلفائها في المنطقة، لم يخفوا هذا الهدف، أُعلن مراراً على مختلف المستويات، بما فيها على أعلى مستوى، أنهم لا يرون مستقبل سورية مع الأسد).

وأضاف نائب وزير الخارجية الروسي (الأمر الآخر أنهم يوظفون جهوداً عسكرية محددة بهدف تغيير النظام في دمشق، بالطبع يقلقنا أن تنفذ تحركات ما بالقوة وعمليات في هذا السياق). وأكد أن مواقف روسيا بشأن مستقبل سورية لم تتطابق مع مواقف العديد من الدول، ومن بينها تركيا، وهي لا تزال لا تتطابق إلى الآن.

وفي معرض تعليقه على لقاء بين وزيري الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، والأمريكي، جون كيري، في روما على هامش مؤتمر (حوارات المتوسط) الذي سينعقد بروما في 1 – 3 كانون الأول، ، أكد ريابكوف صحة المعلومات عن اللقاء المرتقب، مشيراً إلى أنه يجري في الوقت الحالي تنسيق تفاصيله، كما نوه ريابكوف بأنهما قد يبحثان الملفين السوري والأوكراني.

كما أشار ريابكوف إلى أن الحوار بين لافروف وكيري حول الأزمة السورية له اتجاهان، وفي هذا الصدد قال (أحد عناصر هذه المناقشات هو مسائل السياسة الكبرى، بكل معنى الكلمة، أي ما نرى فيه إمكانيات لحل القضايا المعروفة، وهذا ليس محاولة لتحميل بعضنا البعض المسؤولية، بل البحث الحقيقي عن آليات واقعية للخروج من هذا الوضع).

كما ذكر أن العنصر الثاني من المناقشات في الموضوع السوري متعلق بالمخاطر التي يواجهها سكان حلب، وتنظيم إجلائهم، قائلاً إن (هناك مسائل متعلقة بتحديد عدد المسلحين الذين يواصلون نشاطهم هناك، وهذا الأمر له أهمية في سياق الموضوع المعروف المتعلق بفصل المعارضة عن الإرهابيين)، مشيراً إلى أنه يجب معرفة هذا العدد من أجل تحديد حجم القوات والوسائل المطلوبة لإتمام مهمة القضاء على هذه الجماعات والمسلحين، الذين خلال الأشهر السبعة الأخيرة، كانوا يفتعلون المشاكل لسكان حلب).

وفيما يخص الأزمة السورية والشأن الأمريكي أوضح ريابكوف أن موسكو على اتصال مع الأشخاص الذين سيؤثرون على النهج الأمريكي بعد تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصب الرئاسة، مشيراً مع ذلك إلى أنه من غير الواضح بشكل كامل، من سيكون ضمن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد.

وكان مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين قد عبر عن إدانة موسكو لكل محاولات دعم المسلحين بخلفية سياسية، مؤكداً رفضها تحقيق أي أهداف سياسية تحت ذريعة المساعدات الإنسانية.

وجاء ذلك في معرض تعليقه على مشروع القرار الفرنسي – البريطاني المشترك حول حلب، خلال كلمة ألقاها في اجتماع طارئ لمجلس الأمن، الأربعاء 30 تشرين الثاني.

وأضاف تشوركين: (إن 200 ألف مدني من المحاصرين في دير الزور يحصلون فقط على 1% من المساعدات الإنسانية فأين دور الأمم المتحدة؟). وقال تشوركين: (الغرب لم يتمكن من تنفيذ وعوده بفصل المعارضة في سورية عن الإرهابيين)، مضيفاً أن موسكو تشترط ذلك للاتفاق على وقف إطلاق النار في المدينة السورية.

وذكر تشوركين أن (العصابات التي كان يمولها الغرب هي الآن على وشك الانهيار في حلب)، مشيراً إلى أن الجيش السوري حقق نصراً معنوياً هناك. واتهم المندوب الروسي وسائل الإعلام الغربية بتزييف الحقائق في سورية، ذاكراً تجاهل المجتمع الدولي المحاصرين في مدينة الموصل العراقية، إضافة إلى الأزمة اليمنية.

وأكد تشوركين أن روسيا تؤيد أية محاولة لدعم الجهود الإنسانية في حلب، مشيراً إلى أن موسكو تقدم المساعدات الإنسانية للمدنيين هناك.

يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي عقد اجتماعا طارئاً الأربعاء، بطلب من فرنسا بشأن الوضع المتدهور شرق حلب. وقال السفير الفرنسي في الأمم المتحدة، فرنسوا ديلاتر، إن (باريس وشركاءها لا يمكنهم البقاء صامتين إزاء ما يمكن أن يكون واحدة من أكبر المجازر بحق مدنيين منذ الحرب العالمية الثانية).

لافروف بعد لقائه أوغلو: اتفاقاتنا مع أنقرة بخصوص سورية تنفذ

 من جهة ثانية أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن الاتفاقات الروسية التركية حول سورية، على المستوى العسكري والدبلوماسي والسياسي، هي قيد التنفيذ.

وقال لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في ألانيا التركية (الخميس 1 كانون الأول)، تعليقاً على سؤال حول تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن هدف عملية (درع الفرات) في سورية، قال إن موسكو تعتمد في المجال العملي على الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين رئيسي البلدين، والتي يجري تنفيذها، وليس على تصريحات أحادية الجانب تطلق كثيراً.

وكانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ردت الأربعاء على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي قال فيها، بحسب وسائل الإعلام، إن هدف عملية (درع الفرات) يتمثل في إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، قائلة: (درسنا أمس هذه المسألة. إن هذه التصريحات أثارت ضجة كبيرة، وحاولنا أن نفهم هل قال ذلك بالفعل وكيف نقل ما قاله. إن ما نقل عنه لم يكن تصريحاً مسجلاً له)، مؤكدة (نحن نعتمد على تصريحات علنية)فقط.

وأكد لافروف أن موسكو لم تمتنع أبداً عن أي اتصالات مع المعارضة السورية، مشيراً إلى أن هناك قوات للمعارضة السورية المسلحة التي وصفها بالوطنية، والتي تسيطر على مناطق واسعة على الأرض في سورية. وقال إن موسكو مستعدة للحوار مع ممثلي هذه المعارضة السورية المسلحة.

وأوضح الوزير الروسي تعليقاً على سؤال حول ورود أنباء بشأن تفاوض المعارضة السورية مع موسكو بوساطة تركية حول وقف الغارات على حلب، أن أنقرة لها اتصالات بمختلف جماعات المعارضة السورية وكذلك بقادة ميدانيين في سورية، ولذلك موسكو تتبادل المعلومات حول الأجواء في (هذه الأوساط) وتحاول تشجيع المعارضة المسلحة على أن تصبح جزءاً من حل القضية في إطار ما جرى الحديث عنه في مجموعة دعم سورية ومجلس الأمن الدولي.

كما امتنع لافروف عن إبداء المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع، مؤكداً أن (هذا العمل مستمر) ويجري بشكل محترف.

من جهة أخرى قال الوزير الروسي إن قوات روسيا وسورية ليست لها علاقة بمقتل العسكريين الأتراك في شمال سورية مؤخراً، مشيراً إلى ضرورة دراسة مسألة تبعية الطائرات التي وجدت في منطقة وقوع الحادث في 24 تشرين الثاني.

يذكر بهذا الصدد أن وسائل الإعلام التركية أفادت سابقاً بأن 3 عسكريين أتراك قتلوا وأصيب 5 آخرون في منطقة الباب السورية نتيجة قصف للقوات السورية، بحسب زعمها. وأعرب وزير الخارجية الروسي عن استغرابه من عدم انتهاز الأمم المتحدة الفرصة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شرق حلب بعد تحرير معظم أحيائها من المسلحين، قائلاً إنه لا توجد حالياً أي عقبات لإيصال المساعدات إلى حلب عن طريق الكاستيلو، وإن موسكو أبلغت الأمم المتحدة بذلك في نيويورك وجنيف. وبشأن العلاقات الروسية التركية أكد لافروف أن البلدين معنيان بمواصلة عملية تطبيع العلاقات الثنائية بينهما في كل المجالات، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب دراسة بعض المسائل وتعزيز التنسيق في المجال الأمني، وكذلك التأكد من مطابقة المنتجات الزراعية التركية المصدرة إلى روسيا للمواصفات المعتمدة في البلاد.

 

العدد 1140 - 22/01/2025