آن الأوان لدعم المشاريع الصغيرة
أعلنت الحكومة منذ تشكيلها قبل أكثر من عام ونصف عن نيتها العمل من أجل إعادة عجلة الاقتصاد السوري للدوران، وبناء ما خربه الإرهاب والحرب القذرة التي تشن على البلاد، ومن جملة ما أعلنته الحكومة أنها ستقوم بدعم الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، ولكن دون أن يجري الاتفاق على تعريف محدد لها. فيما بعد جرى إصدار تعريف موحد ودليل للمشروعات الصغيرة، ولأجل ذلك عملت على إحداث هيئة لتنمية هذه المشروعات، بهدف دعم هذا القطع الهام جداً بالنسبة للاقتصاد السوري في هذه المرحلة، وبما يتلاءم مع الخطط التنمية التي وضعتها الحكومة، بيد أنه بعد مرور هذا الوقت على تشكيل هذه الهيئة، يتساءل المواطن: ما هي الحصيلة الفعلية التي نتجت عن ذلك؟
إن الواقع يشير إلى أن النتائج التي تحققت لاتزال ضئيلة جداً، ولا تدعو إلى التفاؤل، وتحاول الجهات الحكومية إيجاد التبريرات، إلا أنها إلى الآن لم تلامس الخلل الموجود الذي أعاق تنفيذ ما أعلنته الحكومة منذ تأليفها، والعمل على تذليله، لكي تصبح النوايا منطبقة على الأفعال.
لا شك أن دعم المشاريع الصغيرة قد تعرض خلال السنوات الماضية إلى تهميش حكومي واضح، ويعيد بعض الاقتصاديين السبب في تعثر هذه السياسة إلى هذه التباينات بالدرجة الأولى، وإلى تعدد الجهات المعنية بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مع غياب سياسة جامعة لها، وتخبط في ممارسة هذه الجهات، وغياب المعطيات الحقيقية والمعلومات الرقمية عن هذه المشروعات، وتوزعها حسب الاختصاصات، وكبر حجم هذا القطاع غير المنظم وغيرها من الأسباب. هنا نؤكد أن إحداث هيئة لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة هو عمل إيجابي يمكن أن يؤدي إلى نتائج فعلية، إذا استكمل بخطوات ملموسة تتيح المجال لعمل هذه الهيئة. وأهمها: إن هذه الهيئة المشكّلة ولدت مشلولة منذ تشكيلها بسبب عدم وجود صلاحيات ملموسة لها، وافتقارها إلى الجانب التمويلي، مما أفقدها قدرتها على التدخل، رغم أنها شكلت نظرياً نوعاً من توحيد الجهات المختصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي من الضروري استكمال هذه الخطوات بخطوات أخرى تؤدي إلى تفعيل هذه الهيئة، إضافة إلى ضرورة تأمين الكوادر والكفاءات اللازمة، وتأمين الخدمات لأجل تحقيق ذلك من أجل التدريب والتأهيل، ومتابعة نتائج تمويل هذه المشاريع من الناحية الاقتصادية وآثارها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأن دور الحكومة لا يجب أن يكون محصوراً فقط على الدعم، لأن تأثيره سيكون مؤقتاً ويستنزف موارد الحكومة. إن التعامل مع هذا القطاع يجب أن يخضع في الواقع لدراسة اقتصادية جادة وشاملة، لا تكتفي فقط بالتمويل، وإنما أيضاً بإيجاد المعايير الضرورية اللازمة كي يتطور هذا القطاع، ويصبح عاملاً مهماً له دوره الفعال في تحقيق التنمية الشاملة في البلاد.