الرئيس الأسد لقناتي «روسيا 24» و«ان تي في» الروسيتين: الأعمال العسكرية لن تتوقف ضد الإرهاب بعد تحرير مدينة حلب

 أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الأعمال العسكرية لن تتوقف بعد تحرير مدينة حلب من الإرهابيين، وأن التوقف يحصل فقط في المنطقة التي يقول فيها الإرهابيون بأنهم جاهزون مباشرة لتسليم السلاح أو الخروج منها.

وأوضح الرئيس الأسد في مقابلة مع قناتي (روسيا 24) و(ان تي في) الروسيتين أن الهجوم الأخير لتنظيم داعش الإرهابي على تدمر وبأعداد كبيرة من الإرهابيين وبأسلحة نوعية وعلى مساحة جغرافية تتجاوز عشرات الكيلومترات يعني أن تنظيم داعش أتاه دعم مباشر من دول لافتاً إلى أن توقيت الهجوم على تدمر مرتبط بمعركة حلب لأنهم أرادوا أن يقللوا من قيمة تحرير مدينة حلب، وأن يشتتوا جهود الجيش العربي السوري باتجاهات متعددة مشدداً على أنه كما حررنا تدمر في السابق سنحررها مرة أخرى.

وبين الرئيس الأسد أن الأمريكيين دائماً مخادعون وأنه عندما تفشل خططهم في مكان ما يقومون بخلق الفوضى ويعملون على إدارتها لابتزاز الأطراف المختلفة.

وفيما يلي فقرات من إجابات السيد الرئيس في المقابلة:

كل الأمور يجب أن تسير بالتوازي، فنحن نحرر منطقة من الإرهابيين ونقوم بتعزيز مواقعنا فيها، تحسّباً لأي هجوم معاكس قد يقوم به الإرهابيون من أي اتجاه وخاصة أن لديهم دعماً من عدة دول، في الوقت نفسه وبالتوازي مع العمليات العسكرية، نحن نفسح المجال يومياً سواء لخروج المدنيين من المناطق التي يوجد فيها الإرهابيون أو لخروج الإرهابيين أنفسهم، سواءً أرادوا المغادرة خارج المنطقة بسلاحهم الخفيف أو تسليم أنفسهم للدولة والحصول على العفو مقابل ذلك.

أما بالنسبة لمدينة حلب، طبعاً تحرير المدينة هو شيء مهم، ولكن قبل أن نتحدث عن باقي المناطق لا بد من تحصين المدينة من الخارج، بمعنى تنظيف محيطها من الإرهابيين، فحتى هذه اللحظة، مع أن المناطق التي يتحصن فيها الإرهابيون أصبحت بضعة كيلومترات مربعة، لكن الإرهابيين من الخارج ما زالوا يقومون بقصف المدينة بالصواريخ وقذائف الهاون يومياً، ومنذ يومين فقط سقط عدد من الشهداء وعشرات الجرحى في مدينة حلب. فإذاً، تحرير حلب لا ينتهي فقط بتحرير المدينة، وإنما لا بد من تأمينها من الخارج، بعدها أي مدينة تأتي لاحقاً، هذا يعتمد على المدن التي تحتوي أكبر عدد من الإرهابيين ومن خلالها تتمكن الدول الأخرى من دعمهم لوجستياً، حالياً التواصل بين حلب وإدلب هو تواصل مباشر من خلال وجود (جبهة النصرة) داخل حلب ومحيطها وفي إدلب، ولكن الجواب النهائي على هذا الموضوع لا بد أن يكون بعد تحرير المدينة بالدرجة الأولى وبالنقاش بيننا وبين القيادة الروسية التي تساهم معنا في هذه المعارك وأيضاً القيادة الإيرانية.

دعنا نكن أكثر وضوحاً وشفافية حول هذه النقطة، لا نستطيع أن نربط موضوع تدمر فقط بالموصل لأن داعش موجود في سورية، موجود في الرقة في الشمال، حيث يفترض أن التحالف الأمريكي يقصف داعش منذ عامين، وهذا الكلام غير صحيح، وهو موجود في دير الزور حيث إن القوات الأمريكية والطيران الأمريكي مع التحالف قام بقصف القوات السورية بدلاً من قصف داعش. نحن تصورنا الحقيقي بأن الهجوم الأخير لـداعش منذ أيام على تدمر بأعداد كبيرة من المقاتلين وبأسلحة نوعية لم تكن موجودة لدى داعش من قبل، وعلى مساحة جغرافية تتجاوز عشرات الكيلومترات، هذا يعني بأن داعش أتاه دعم مباشر من دول، وليس مجرد أن داعش أتى من الموصل، كيف يأتي بمدفعية ثقيلة من الموصل، ماذا يفعل الطيران الأميركي الموجود في الموصل أو في الرقة، الحقيقة أن الجزء الأكبر من هؤلاء أتوا من الرقة ومن دير الزور إما بدعم مباشر من الأميركيين أو بأحسن الأحوال الأميركي يعرف ولكنه يغض النظر وترك القيام بهذه المهمة، وهي التمويل والدعم، لتركيا، لقطر، وللسعودية، هذه هي حقيقة ما يحصل في تدمر اليوم وليست القضية مرتبطة فقط بالموصل.

في الواقع، الهدف الحقيقي لعملية تدمر، وتوقيت الهجوم على المدينة مرتبط مباشرة بمعركة حلب، لماذا لم يهاجم داعش تدمر قبل شهر مثلاً؟ كانوا قادرين، ولكن بدأ الهجوم عندما بدأ التقدم الكبير في مدينة حلب، لذلك هذا الموضوع كان يهدف لشيئين، الأول هو أن يقللوا من قيمة تحرير مدينة حلب، لأن هذا التحرير بالنسبة للمواطنين السوريين، وأنتم الآن موجودون في دمشق ستلمسون ما أقوله بشكل كبير، يعبر عن حالة فرح حقيقية ومعنويات عالية للشعب السوري، الثاني وهو قد يكون أيضاً هدفاً أكثر أهمية بالنسبة لهم، أن يشتتوا الجيش السوري باتجاهات متعددة، وبالتالي القوى الرئيسية الآن الموجودة في حلب تضطر للانسحاب باتجاه تدمر، طبعاً اليوم تحديداً هناك اجتماع على مستوى القيادات العسكرية السورية والروسية لمناقشة كيفية التعامل مع هذه الحالة الطارئة، وبالمحصلة كما حررنا تدمر بالسابق، سنحررها مرة أخرى، كانت تحت سيطرة داعش وحررها الجيش السوري بالدعم الروسي، وسنقوم بذلك مرة أخرى. هذه هي الحرب، تربح في مكان وتخسر في مكان، ولكن لا بد أن نعرف بأن التركيز الرئيسي الآن، الأولوية هي مدينة حلب.

طبعاً الأميركيون دائماً مخادعون، ليس بالضرورة أن يكون رفع الحظر حصل عندما أعلن عنه أوباما، ربما أعلن عنه بعد أيام من حصوله، فقط لإعطائه الغطاء الشرعي، لذلك أنا أريد أن أربط بالتوقيت وبالزمن بين إعلان أوباما عن هذا الرفع وبين هجوم داعش، إلى أين تذهب هذه الأسلحة؟ إما إلى (جبهة النصرة) أو إلى (داعش)، كلاهما واحد بغض النظر عن التسميات، فحقيقة أنا أعتقد بأن هذا الموضوع أيضاً مرتبط بتقدم الجيش السوري في حلب، والمطلوب الرد في تدمر، وقد يكون في أماكن أخرى، لكن الأسلوب الأميركي في مثل هذه الحالات عندما تفشل الخطط الأميركية، ماذا يفعلون دائماً في كل مكان من العالم؟ يقومون بخلق فوضى، أي فوضى بأي اتجاه لا يهم، ومن ثم يقومون بإدارة هذه الفوضى بشكل أن يستخدموها لابتزاز الأطراف المختلفة ريثما يتمكنون من تحقيق الاستقرار بالشكل الذي يخدمهم فقط، فرفع الحظر في هذا التوقيت جزء من هذه السياسة، هناك جانب آخر، هذه الإدارة راحلة الآن وربما يكونون قلقين من أن يحدث تقارب حقيقي بين الولايات المتحدة وروسيا مع الإدارة المقبلة، إدارة ترامب، فتحاول هذه الإدارة الراحلة أن تخلق أكبر قدر من المشاكل لكي تكون هذه المشاكل عقبة في التقارب بين روسيا والولايات المتحدة فإذاً، هذا الإعلان، وهو مقتضب، لكن ربما تكون له اتجاهات مختلفة وتأثيرات كبيرة.

تصريحات ترامب كانت واضحة خلال حملته بالنسبة لموضوع مكافحة الإرهاب، وبالنسبة لعدم التدخل ضد دول من أجل التخلص من الحكومات كما تفعل الولايات المتحدة عبر عقود من الزمن، هذا جيد، ولكن النقطة تتوقف عند إرادة ترامب للاستمرار بهذا النهج وبهذا الطريق وقدرته على القيام بذلك، فنحن نعلم بأن هناك لوبيات كبيرة وقوية جداً في الولايات المتحدة وقفت ضد ترامب وهي ستضغط بكل قوتها، عندما يستلم مهامه من أجل أن تدفعه باتجاه التراجع عما قاله في هذا المجال وفي مجالات أخرى، أو أنه سيكون في مواجهة مع هذه اللوبيات الموجودة في الكونغرس، في مجلس الشيوخ، في الإعلام، وفي اللوبيات الصناعية التي تستفيد من الحروب، كما حصل في العراق وفي اليمن مؤخراً، لذلك إذا تمكن ترامب من مواجهة كل هذه العقبات والعمل فعلاً ضد الإرهاب، فأعتقد أنه سيكون حليفنا الطبيعي وسيكون حليفكم الطبيعي، وهذا ما أنتم تدعون إليه وما ندعو نحن إليه بشكل مستمر.

معظم السوريين يرفضون أي إضعاف للدولة السورية، معظم السوريين يرفضون أي تخل عن وحدة الأراضي السورية أو شكل الدولة، أو النظام السياسي بشكله الحالي، وعندما أقول معظم فأنا أقصد الأغلبية الساحقة من السوريين، مع ذلك نحن كدولة لا نبدي رأياً خاصاً بنا لأن هذا الموضوع يرتبط بالدستور، والدستور يجب أن يصوت عليه من قبل الشعب السوري ويجب أن يكون نتيجة حوار بين معظم السوريين، لذلك أقول نناقشه الآن ولكن أي طرح بالنسبة لتعديل الدستور لا يمكن أن يكون الآن خلال الحرب، هذا مستحيل، لأن الاستفتاء بحاجة لظروف مختلفة، الأولوية الآن هي لموضوع الإرهاب.

طبعاً إعادة الإعمار، هو اقتصاد ضخم جداً ومفيد جداً لأي دولة في مرحلة ما بعد الحرب، بالنسبة لنا في سورية لدينا إمكانيات مادية كبيرة جداً على مستوى القطاع الخاص، سواء الموجود في سورية أو المغترب أو الذي هاجر مؤخراً خلال الأزمة، معظم هؤلاء سيعودون، لديهم منازل وأملاك وسيعودون لإعمار بلدهم، وبالتالي الحركة الاقتصادية ستدور، لا يوجد قلق كبير من هذا الموضوع، لكنه بحاجة إلى زمن، طبعاً عندما يأتي دعم من الدول الصديقة بكل تأكيد هذا سيسرع عجلة التنمية التي خسرت مئات المليارات كما ذكرتم الآن، وإعادة الإعمار، هي طبعاً مفيدة لنا، ولكن أيضاً مفيدة للشركات الأخرى التي ستأتي من الخارج، وأقول لك بكل وضوح وبكل بساطة الشعب السوري لا يقبل بأي شركة تأتي من أي دولة أخذت موقفاً ضد سورية أو ضد وحدة الأراضي السورية، أو من دولة وقفت موقفاً داعماً للإرهابيين، هذا الكلام بكل وضوح، ولن نكون قادرين على التمييز بين قطاع خاص في تلك الدولة وبين موقف الدولة، فالأولوية في هذه الحالة هي للدول الصديقة التي وقفت معنا بشكل مباشر كروسيا والصين وإيران وغيرها، أو الدول التي بالحد الأدنى لم تكن ضد سورية ولو أنها وقفت على الحياد وأخذت موقفاً أخلاقياً.

العدد 1140 - 22/01/2025