«حقوق المستهلك»هل تبقى حلماً بعيد المنال؟
جرت ورشة عمل (حقوق المستهلك) التي نظمتها صحيفة صاحبة الجلالة الالكترونية بالتنسيق مع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الـ24 من الشهر الجاري في فندق الشيراتون بدمشق، وركز المشاركون في الورشة على أهمية حماية المستهلك ودور وزارة الداخلية وحماية المستهلك في تأدية هذا المهمة، وعلى دور العلامة التجارية والمواصفات القياسية للمنتجات والسلع في حماية المستهلك.
بدأت الورشة بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء، وتلاها كلمة للسيد الوزير عبد الله الغربي، إضافة إلى مداخلات من المشاركين ركزت على ضرورة توعية المستهلك بحقوقه، والعمل على تطوير وتكثيف آلية الرقابة والتموين للحد من الغش والاحتكار وضبط الأسعار، وشددت على دور الإعلام في نشر هذه الثقافة.
وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عبد الله الغربي بيّن في كلمته أن الوزارة لديها فريق عمل موجود بـ14 محافظة على الأقل ثلثهم يبقون ساهرين حتى منتصف الليل، وهم يتابعون جولاتهم الميدانية. وأشار إلى أن الوزارة أصبحت تمنح شهادات سجل تجاري (أوف شور) إضافة إلى قسم التسجيل الدولي لحماية الملكية للعلامات التجارية، أي أن بإمكان المواطن أن يسجل ماركته التجارية خلال ساعتين دون أن يتحمل عناء السفر لتسجيلها في أوربا.
واكد أن الوزارة أمام مشروع أتمتة السجلات التجارية بالاشتراك مع غرف التجارة، وهو يضم أكثر من مليون وثيقة منذ عام 1917 حتى الآن، وأشار إلى أن كل ملف يحتوي نحو 35 ورقة أي أننا أمام 35 مليون ورقة يجب علينا أتمتتها.
ونبه أننا أول دولة في العالم أصبح لديها على الأقل 10ملايين مراقب تمويني من خلال تطبيق عين المواطن الذي يتيح للمواطن عن طريق هاتفه المحمول أن يصور المخالفة ويرسلها للوزارة من أجل معالجتها، وبعد ذلك إرسال الطريقة ونتيجة المعالجة للمواطن الذي قدم الشكوى ليعبر من خلال التطبيق عن مدى رضاه.. مما يجعل المواطنين شركاء في معالجة القضايا التموينية. وأضاف إن الوزارة تتابع الأسعار بشكل مستمر، وهناك بعض الأسعار التي انخفضت بشكل ملحوظ مما يشير إلى أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح.
وقال الغربي إن القرار الذي أصدره رئيس مجلس الوزراء بالسماح بتسجيل الورش الموجودة خارج المحافظات التنظيمية ومنحها سجل تجاري مؤقت يضع هذه الورش تحت الرقابة التموينية والصحية، مؤكداً أن يجري مصادرة بضائع منتهية الصلاحية وبضائع مزورة للعلامات تجارية في جميع المحافظات وبشكل يومي فضلاً عن ضبط المواد المهربة رغم أنه اختصاص الجمارك، ولكن هذا عمل يهم المواطن لهذا نعمل على ذلك.
وأعتبر المدير الإداري في شركة فوز التجارية الراعية للورشة أن حماية المستهلك مسؤولية اجتماعية ووطنية وحكومية وضرورة اساسية لخلق توازن في الأسواق وتشجيع الأداء الاقتصادي، مؤكداً أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص نموذج حي تكتمل فيه أهمية تلك الشراكة، فالقطاعان يرفد كل منهما الآخر لأجل استمرار العجلة الاقتصادية وتحصين اقتصاد الدولة ككل. وركز على القضايا التي تنعكس على المواطنين المستهلكين خلال الأزمة، وأهمها التضخم والبطالة وشدد على أهمية عملية توعية المستهلكين بحقوقهم ليكون حافزاً هاماً للقطاعات الاقتصادية لتطوير أدائها وحفاظها على مقاييس الجودة وخلق الأجواء التنافسية الإيجابية فيما بينهما من خلال مقياس رضا المستهلكين، مشيراً إلى أهم حقوق المستهلك المتمثلة بالحق في الصحة والسلامة عند استعماله العادي للسلع، وأن تكون كاملة الجودة وغير مغشوشة من دون أن تحتوي على بيانات كاذبة أو خادعة.
وأشار مدير حماية المستهلك د. حسام نصر الله إلى أهم التشريعات الضامنة لحقوق المستهلك، وهو قانون التجارة الداخلية وحماية المستهلك رقم 14 لعام 2015م، ويهدف هذا القانون إلى ضمان ممارسة النشاط الاقتصادي للجميع ومنع الاحتكار وحماية حقوق المستهلك.
مؤكداً أن الوزارة تتخذ عقوبات رادعة بحق المخالفين وتعمل بشكل مستمر على تكثيف الدوريات الرقابية على الأسواق خاصة في المناطق التي تشهد تلاعباً بالأسعار أو احتكار بعض المواد.
وعن واجبات المستهلك وحقوقه قالت د. سراب عثمان رئيسة جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها إن على المستهلك التأكد من مصدر البضاعة التي يقوم بشرائها وطريقة الاستخدام والتخزين والصلاحية الخاصة بها، وعدم شراء السلع المجهولة المصدر، وعدم الانسياق وراء الإعلانات المضللة والبضائع المعروضة على الأرصفة غير معلومة المصدر، إضافة إلى أهمية الإبلاغ عن كل مخالفة يشاهدها في الأسواق وذلك بالاتصال بأجهزة حماية المستهلك، مشيرة إلى أهم حقوق المستهلك المعترف بها دولياً، وهي حق الأمان والمعرفة والاختيار والاستماع إلى آرائه وإشباع احتياجاته الأساسية فضلاً عن حق التعويض والتثقيف والحياة في بيئة سليمة.
شارك في الورشة عدد من أعضاء جمعية حماية المستهلك وغرفة التجارة والصناعة والسياحة، إلى جانب مجموعة من التجارة والباحثين والأكاديميين من مختلف المحافظات.
ولكن رغم كل هذا الجهد الذي تبذله وزاره التجارة وحماية المستهلك، والجمعية إلا أن المستهلك السوري مازال هو الذي يعاني من الغش والاحتيال والغلاء، ذلك أن كثيراً من التجار لا يأبهون لنسبة رضا المستهلك، ويرون أن الزبون سيعود إليهم لا محالة لعدم وجود السلع الأفضل بسعر يناسبه، فيقع المستهلك السوري تحت رحمة التاجر الجشع الذي يحرمه من أبسط حقوقه وهو الاختيار. فالمنتجات متشابهة، والجودة واحدة، والسعر مرتفع، والمنافسة غائبة، والمواطن يائس من الشكوى لانتشار الفساد واتفاق التجار مع مراقبي التموين، كل ذلك فيه إجحاف بحق المستهلك المسكين، فنحن بحاجة إلى العمل بجميع الوسائل لإعادة ثقة المواطن بفعالية شكواه، وتفعيل دور الإعلام في توعية المواطن للمطالبة بحقوقه وتأدية واجباته التي تصب في مصلحته جنباً إلى جنب مع العمل على تكثيف عمل الوزارة وجمعية حماية المستهلك، ونشر ثقافة الاهتمام بالمستهلك بين التجار والمستثمرين واعتبار رضا المستهلك غاية يجب إدراكها لا إهمالها، فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع في تطوير الأداء الاقتصادي.