حرب ومراجيح..

أيها الطفل العنيد.. لماذا تعاند أمك.. لماذا تقول لها: لابد أن أخرج إلى العيد.. لابد أن أركب في أرجوحة العيد.. لابد أن أشتري لعبة.. لابد أن أركض في شوارع بلادي ولا أخاف.

اسمع.. أمك تقول لك: لاتخرج.. ها.. هل سمعت؟ ستؤنبك لو خرجت.. ربما تقول لك أنت ولد مشاغب.. أنت لاتعرف ما الذي سيحصل لها لو أنك أصبت.. أنت لاتعرف أن قلب الأم أرق من جناح فراشة.. لذلك أنا سأقول لك ماذا تفعل: ها.. ارسم على ورقة صغيرة فراشة ملونة.. تذكر أن يكون لها جناحان أرق من قلبك أمك.. قل لها: أيتها الفراشة خذيني إلى العيد.. خذيني إلى أغنية من بلادي..

يخرج الطفل للعيد.. يرسم الفراشة الملونة ويتركها على قميصه الجديد الذي نسي ارتداءه، ويخرج.. يخرج الطفل للعيد.. والعيد في بلادي: حرب وأراجيح..

***

هل تعرفون أن الأطفال يطرحون أصعب الأسئلة علينا؟

هل تعرفون أن كثيرين منا لايعرفون الإجابة عن تلك الأسئلة، أو ربما تبدو الإجابة أصعب من أن يفهمها الطفل.. لايهم، ولكن هل فكر أحدكم بأن يطرح سؤالاً صعباً وسهلاً في آن واحد على طفله، فيقول له:

لماذا تحب أرجوحة العيد؟ ماذا تفعله بك الأرجوحة أيها الطفل المشاغب؟!

وبالطبع.. سيضحك الطفل، يضحك من هذا السؤال، ويقول لكم:

لأن الأرجوحة حلوة.. حلوة كتير!

واقعياً.. لايريد الطفل أن يحكي لكم تماماً ما الذي يدفعه لركوب الأرجوحة. أو ربما لأنه لا يستطيع التعبير جيداً عما يفكر فيه.. أنا سأقول لكم: لماذا يحب الطفل الأرجوحة.. يحب الطفل الأرجوحة لأنها تأخذه إلى دوار.. دوار من نوع خاص يشبه الحلم.. يتحول فيه الطفل إلى سحابة.. إلى حمامة.. إلى عصفور.. يطير في سماء واسعة من الأمان.. لايخاف أبداً.. لايخاف أبداً أن يقع على الأرض..لذلك يحب الطفل الأرجوحة..!

***

يغنون للبحر: هيلا ياواسع.. وعند السوريين القدماء الذين كانوا يعيشون عند البحر: هيلا يعني أهلاً.

أهلاً أيها البحر.. على موجاتك ثمة قارب صغير.. قارب يشبه أرجوحة طفل صغير، رسمها العيد على شارع من شوارع سورية التي أحرقتها الحرب.. أهلاً أيها البحر.. هيلا ياواسع.. على موجاتك ثمة قارب من ورق.. قارب وضعه طفل صغير فقد والده أو والدته، فبعث له أو لها برسالة.. كتبها على ورقة صغيرة، ووضعها في قلب القارب ورماه في البحر.. كتب عليها:

(هل تسمحون لي أن أركب الأرجوحة في العيد؟!).

***

هيلا ياواسع..

العدد 1140 - 22/01/2025