في الذكرى الخامسة والخمسين لقيام ثورة آذار المجيدة بيان القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية
تشكل الثورة في تاريخ الشعوب ميلاد عصر جديد في حياتها، وتأخذ أشكالاً عدة في التعبير عن إحداث تغييرات جذرية في بنية المجتمع، والثورة هي وسيلة وليست غاية، فالغاية منها هو امتلاك الجماهير العربية قرارها الوطني، والسيطرة على مقدراتها، والثورة انعكاس لوعي الشعوب ولحاجاتها وطاقاتها التي لا تخمد جذوتها عبر التاريخ، وهذا الوعي يستجمع كل قواها لتستنهض الهمم والعزائم لرفض الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، والتخلص منه بكل الوسائل، وهي تتطلع لغد أفضل أكثر رسوخاً وفاعلية في الحياة، وأكثر حرية وقوة، لتنعم بمقدراتها وامكانياتها، وتستطيع أن تحقق ذاتها، وتحفظ سيادتها، وتعتمد على خصوصيتها التاريخية، لتحتل مكانتها بين الأمم والحضارات، وألا تبقى مرتهنة للآخرين، هكذا كان الشعب السوري عبر تاريخه لا يقبل بالذل والهوان، وبقي مدافعاً عن الأمة العربية من محيطها إلى خليجها، ساعياً إلى تحقيق الأهداف القومية الكبرى.
لقد كانت ثورة آذار ثورة شاملة أسست لمنهج جديد في الحياة السياسية، وركيزة أساسية من ركائز حركة التحرر العربية، ولازالت تسعى للنهوض بالعمل الوطني والقومي، وحماية الحقوق والمصالح العربية، لتشكل من سورية قوة الوطن العربي في مواجهة المشروع الصهيوني وهي تواجه اليوم حرباً دامية ضد الارهاب التكفيري الذي يحاول تدمير سورية، وإخماد جذوة الوعي الوطني والقومي فيها، لأنها تشكل جدار الصمود الذي يمثله الجيش العربي السوري، وحلفاء سورية في المواجهة التاريخية.
ثورة آذار كانت من المتغيرات الرئيسية التي حدثت في القرن الماضي، أسست لمسار جديد في الحياة العربية، وبنيت على ذلك المسار الكثير من الانجازات التي جعلت من سورية قوة فاعلة، عندما حددت الخيار الصحيح للأمة، وكانت أكثر رسوخاً في نهج التصحيح الذي أرسى ركائزه القائد المؤسس الخالد حافظ الأسد، وفيض الإنجازات التي كانت في عصر التصحيح هو امتداد لإنجازات ثورة آذار، وفي مقدمتها الجبهة الوطنية التقدمية، التي عبرت ولا تزال عن المناخ السياسي الإيجابي ودوره في تأصيل مفهوم الدولة الوطنية، كنواة صلبة لإنجاز المشروع القومي، وحققت التلاحم الجماهيري بين الفئات الشعبية كافة، وستبقى هذه الثورة والتصحيح المجيد منهجاً راسخاً في مسيرة التطوير والتحديث التي يقودها القائد بشار الأسد الذي شكّل في أكبر وأخطر معارك العروبة نبراساً، ومنارة يهتدي بها كل شرفاء الأمة العربية.
دمشق في 8/3/2018
القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية