بابا نويل.. وهو يحمل كيسه الأبيض!

إيه.. يابابا نويل!

ماذا تحمل لنا في عيد الميلاد المجيد؟!

ماذا تحمل في كيسك الأبيض الذي اعتاد الأطفال على هداياه ومفاجآته السارة والسعيدة؟!

قال طفل من حارتنا إنك أعطيته علبة حمراء مليئة بالشوكولاه الطيبة، وقالت طفلة تلثغ بحرف الراء إنك أعطيتها لعبة باربي جميلة مع بيت للّعبة وأواني الطهي الملونة!

وأذكر أنك أعطيتني كتاباً جميلاً عن سورية، قرأته ثلاث مرات لأحفظ كل شيء فيه عن المحبة في بلادي!

تبدو متعباً هذا العام يابابا نويل.

لم أسمع بعد أجراسك التي تنبئ بقدومك مع عيدي رأس السنة والميلاد، تبدو البسمة شاحبة على وجهك، وتبدو قلقاً من الزمن القادم المليء بالحقد والكراهية والخوف!

لاتخف يابابا نويل، فالسوريون لايقعون بهذا الشرك.. لاتخف فكل تلك الجلبة التي تتصاعد في قلب الموت والدمار عجزت عن تشويه نفوسنا الطيبة، وقلوبنا الخافقة بحب الوطن.

مازلنا نحب يابابا نويل..

مازالت عيوننا تتطلع إلى دفء الأعياد الجميلة في بلادنا، ففي عيد الفطر السعيد تبادل السوريون كلمة المحبة والسلام، وفي عيد الأضحى رفعوا أيديهم بالدعاء أن تنجو سورية، وهاهو ذا عيد الميلاد.. هاهي ذي الأجراس تعلو من أجل السلام في بلادنا، والمحبة في نفوسنا، والإيمان في قلوبنا.. تعال.. ارسم فرحاً ما على وجوه أطفالنا!

مازلنا نؤمن بأن سورية هي الوطن الجميل لكل الأزمنة، ولكل الطوائف والأديان، مازال السوريون يتهجّون أبجدية أوغاريت، وترانيم كنيسة حنانيا قبل ألفي عام، وأذان الفجر الطالع من مئذنة العروس قبل ألف وثلاثمئة عام!

إيه يابابا نويل..

ماذا تحمل في كيسك هذا العام؟!

اترك الألعاب فيه مثل كل سنة.. اترك الورود فيه مثل كل سنة.. اترك الدفء فيه مثل كل سنوات الأعياد التي مرت.

وتعال..

تعال إلى كل مدينة أو قرية سورية.. ستجد الأطفال بانتظارك.. ستجد الكبار يحملون أجراس الأمل.. ستجد المسلمين يلوّحون لك بأيديهم الباردة في صقيع الحرب الضروس على بلادنا.. وستجد المسيحيين يمسكون بيد المسلمين ويشدون على كل يد تؤمن بوطن الحضارة والتآخي..

ولكن.. احذر يابابا نويل، فقد يضع الإرهابيون والغرباء قنبلة في كيسك!

ربما يسرقون قبعتك الجميلة وثوبك الأحمر، لينتحلوا قداسة المناسبة..

كن حذراً، ولكن لاتخف..

تعال إلينا..

في ليلة الميلاد، أيقظنا، وامسح بيديك الدافئتين على رؤوسنا، لعل الكوابيس تفر من حياتنا ليلة واحدة!

العدد 1140 - 22/01/2025