بطاقة ذكية.. أم مستحيلة؟

استبشر المواطنون السوريون خيراً بقرار الحكومة إصدار البطاقة الذكية، التي يمكن أن تخفف بعض الشيء من المعاناة الكبيرة التي يشعر بها المواطن نتيجة هذه الأزمة الطاحنة التي عصفت بالبلاد ولاتزال خلال نحو سبع سنوات.. ولقد اعتقدوا أنها قد استجابت للنداءات والمطالب المحقة التي توجهت وقدمت لها من أجل زيادة الاهتمام بشؤونهم الذي يجب أن يكون المهمة الأولى للحكومة، ولأي حكومة، إلا أن هذه الخطوة لم تكتمل، لأن التدابير البيروقراطية التي رافقتها والتي شكلت عبئاً ثقيلاً على المواطنين، جعلت الكثيرين منهم يستغنون عن الحصول عليها، رغم حاجتهم الملحة لها.

إن الواقع يشير إلى أن الحكومة رغم كلامها عن سهولة الحصول على البطاقة الذي يقتضي سوى تقديم بطاقة عائلة أو بيان عائلي، مع دليل يثبت عنوان السكن، إلا أن الواقع يسير باتجاه آخر.. لأن الإشكالات التي برزت للحصول عليها أظهرت تعقيدات كثيرة ناء بها المواطن. وكأن الحكومة تقول له من جهة ها هي تهتم بشؤونك، وها هي تصدر لك بطاقة تخفف عنك بعض الشيء معاناتك من الغلاء المستشري، وتضع أمامه من جهة أخرى كل العراقيل كي لا يستفيد المواطن منها، وكأنها بهذا الأمر تستجيب لأولئك المحتكرين، وأثرياء الأزمة، ولمن يرغب بأن تنهج نهجاً نيوليبرالياً يهدف إلى تقليص الدعم الحكومة وإلغائه، والمستفيد الأساس من ذلك هم أولئك الذين ينهبون الشعب، ويتلاعبون بقوته.

ولو اقتصر الواقع على هذه المسألة فقط، لكان الأمر محتملاً، إلا أن التعقيدات التي يصطدم بها المواطن أينما تحرك، أصبحت لا تطاق. إنه لا يشعر بوجود الدولة، ورغم حديث الحكومة عن انخفاض الكثير من أسعار المواد وطنطنة الإعلام بذلك، إلا أن المواطن لا يلمس ذلك في الواقع، ولا يشعر به إلا قليلاً. ثم إن المواطن الذي حصل على البطاقة الذكية بعد جهود كثيرة كما أشرنا، يبقى عليه الحصول على المازوت بالأسعار التشجيعية التي توفرها هذه البطاقة، بيد أن ذلك يكاد يكون متعذراً، وفي الحصيلة إن هذه البطاقة لم يستفد منها إلا أقلية من الناس، وتشعر الأكثرية بأن هذه الجهود التي بذلت من أجل الحصول عليها قد ذهبت هباء.

مرة أخرى نقول إن الأوان قد آن كي تجعل الحكومة جل اهتمامها منصبّاً على تسهيل حياة هذا المواطن، الذي شكل ويشكل عماد الانتصار في هذه المعركة الطاحنة التي تخوضها سورية ضد الظلام والجهل والتخلف

العدد 1136 - 18/12/2024