صناعة الأمل

(الحدث)!

 يشغل الناس هذه الأيام، يشغلهم حتى عن أذان المغرب، وتناول كوب من الماء بعد صوم صعب في أطول نهارات السنة الحارة التي يصعب على الإنسان تحمّلها في الأيام العادية، فكيف في شهر رمضان؟

والحدث هذه الأيام هو هذا النوع من الحروب التي تشن على المنطقة بكل تنوعها التاريخي وبكل أطيافها السياسية.. والغريب في الأمر أن الحدث يتجدد بين لحظة وأخرى، وتقوم وسائل الإعلام بنقله وترويجه سريعاً حتى قبل التأكد منه!

ما هذه الحروب التي تشن علينا؟ ماذا يريدون منا؟ وهل نعجز نحن عن فهمها والرد عليها؟

أهم سلاح استُخدم في العقدين الماضيين هو (اليأس)، الذي استخدم على أساس أنه الهجوم التمهيدي الذي يعقبه الهجوم الكبير الذي سيأكل الأخضر واليابس، ويلتهم ماتبقى من صمود الأمة وحيويتها وطموحها وقوتها!

 

نعم، اليأس!

فلم تبقَ دائرة فعل عربية إلا وأدخل اليأس واللا جدوى إليها.. لم تبق دائرة فعل عربية قادرة على المواجهة إلا وجرى التخطيط لتهشيمها وتحطيمها أو على الأقل إشغالها أو تهميشها بشيء ما لتكون بعيدة عن التأثير، ولو بأقل الدرجات!

تنام عند المساء وتستيقظ، فإذا أنت أمام مستجد جديد، خطير، محبط، يأخذ بجانب من جوانب مقومات وجودنا إلى الهاوية، وآخر تلك المستجدات هي تقسيم المقسم وتجزيء المجزأ! فبعد أن عاش العرب أحلاماً قومية بالوحدة في النصف الأول من القرن الماضي، وبعد أن شغلتهم القضية الفلسطينية قضيتهم المركزية الأولى وعملوا فاختلفوا أو توحدوا من أجلها، وبعد أن كان النفط سلاحاً بيدهم أخافوا به خصومهم ذات يوم، وبعد أن كانوا يجتمعون في الملمات لتشكيل موقف موحد يخص وطنهم الكبير.

بعد كل ذلك جعلهم اليأس في واد آخر: النفط سلاح بيد أعدائهم، القضية الفلسطينية آخر شيء يشغل البال، الاجتماعات الطارئة لحل قضاياهم تحولت لمحاصرة بعضهم بعضاً، ولتنفيذ أجندات خارجية!

أما أحلام الوحدة، فتعرضت لأكثر من هزة بنيوية حولتها في نهاية الأمر إلى كوابيس بخرائط جديدة أكبرها خريطة (داعش) التي تؤسس لألف خريطة في داخلها!

بقيت الأمل..

هل أنتم قادرون على صناعة أمل يليق بكم كعرب؟!

ترقبوا الحدث كل مساء وكل صباح..

العدد 1140 - 22/01/2025