إذا أردت أن تعرف.. ماذا يجري للعرب.. عليك أن تعرف كيف غض العرب الطرف عن إسرائيل!
المحللون في حيرة، والفضائيات العربية قاب قوسين من أن تعلن انهيار الأمة كلها، وعدم شرعية حقها في الوجود، والتحليلات والتفسيرات المتعلقة بمصير المنطقة العربية راحت في اتجاهات كثيرة، وغالبية التفسيرات التي يروج لها الإعلام العربي النفطي هي تلك التي تتجه إلى المجهول، وقد تناسى هذا الإعلام قسراً قضية الصراع العربي الإسرائيلي وعلاقتها بما يعد للمنطقة، واكتفى بدفع التحريض على الاقتتال بين العرب إلى نهايات هو بث عواصف إعلامية تغطي على حقيقة مايجري ليبدو الأمر وكأننا بحاجة إلى الغرب ليأخذ بيدنا إليالنجاة!
بسيطة، لنقل إن العرب بحاجة إلى النجاة؟
النجاة ممن؟ هل هي روسيا تريد الهيمنة على المنطقة؟ هل هي الصين تريد استخدام اليد العاملة العربية لأن اليد العاملة لديها قليلة؟ هل هي فنزويلا تريد الاستيلاء على النفط والغاز العربيين؟
أسئلة سطحية لكنها تقارب العمق في ما ترميه من سخرية؟
المسألة في واقع الأمر تتعلق بالصراع العربي – الإسرائيلي.. الذي ضاعت أخباره وسط سيل الأخبار والأحداث التي تفتعل في المنطقة العربية، وعندما يفرض حدث ما يتعلق بهذا الصراع نفسه نراه وقد انكفأ في ترتيب أولويات الإعلام وضاع تماماً..
في التاريخ ما أن أعلن عن وعد بلفور عام 1017 حتى تصاعدت عمليات الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وما أن انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1947. حتى أقام اليهود دولة إسرائيل فوق الأرض العربية الفلسطينية عام 1948 وطردوا أهلها الشرعيين منها..
وفي التاريخ، ما أن صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني من العام 1947 بتقسيم فلسطين إلى دولتين، واحدة عربية بنسبة 42.88% من مساحة فلسطين، وأخرى يهودية بنسبة 47.55%، وأن تبقى مدينتي القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية بنسبة 0.65% من المساحة. ما أن حصل ذلك حتى بدأت الخلافات العربية حول شكل الحل دون الحديث عن جوهر الصراع وأسبابه، وسريعاً بدأ العمل لتصفية القوى الوطنية العربية وخاصة في مصر، وكلنا نتذكر العدوان الثلاثي على مصر..
وما أن وقعت حرب حزيران عام 1967 حتى تحول الصراع على أل التعريف في أراضٍ محتلة أو الأراضي المحتلة، ونسي العالم والعرب معه جوهر الصراع الذي هو وجود إسرائيل..
لاحظوا ما الذي جرى بعد حرب تشرين 1973 التي كانت إضاءة فعلية على جوهر الصراع في التاريخ العربي المعاصر، وجرى فيها استخدام النفط في الحرب.. قال كيسنجر: سنجعل العرب يشربون نفطهم!
شرعنا في شرب النفط، بدأ بإفساد المقاومة، مروراً بمحاربة الأنظمة الوطنية، ووصولاً إلى نشر الحياة الاستهلاكية.. وإلى الآن ينشغل العرب بتداعيات شربنا للنفط العربي: مرة على شكل حروب، ومرة على شكل فتن، ومرة على شكل إعلام تحريضي عولمي..
العرب الآن لايشربون نفطهم وحسب، وإنما يشربون دم بعضهم البعض.. وفي الحكاية فلسفة الكوميديا السوداء: إذا أردت أن تعرف ماذا يجري للعرب عليك أن تعرف جيدا كيف غض العرب الطرف عن إسرائيل!