الإذاعة والتلفزيون في سورية: عتبة القفز إلى الجديد.. هل نحن جادون فعلاً؟
متى تكون أمام الاختبار الحقيقي؟
تكون أمام الاختبار الحقيقي عندما تنتقد بشتى أساليب النقد موضوعاً محدداً، ثم تجد نفسك في دائرة تقديم البديل عنه!
سؤال وجواب، مهمان جداً في هذه المرحلة، لأن السوريين اليوم بحاجة إلى كل عمل جاد ووطني وخلاق ويقدم لهم على الأرض مايفيدهم ويأخذ بيدهم..
راودتني هذه الفكرة، فيما كنا مدعوين إلى لجنة خاصة مهمة للعمل على تفعيل الأداء البرامجي وتفعيله في الإذاعة والتلفزيون، وعندما حضرت الورشة الأخيرة الشهيرة المتعلقة بالدراما السورية التي عقدت في فندق الشيراتون!
حضرت ورشة الدراما، وكان في جعبتي ورقة عمل أعتقد أنها كانت مهمة، ولكني خرجت محبطاً دون تقديمها لأسباب كثيرة، أهمها قناعتي بأن الأوراق التي قدمت كانت عادية ومكرورة، فيما جهد الكاتب حسن م. يوسف لتقديم شيء مهم يحترم فيه الحضور!
أما اللجنة العتيدة في الإذاعة والتلفزيون، فكانت مهامها على غاية الأهمية، إلى الدرجة التي يظن فيها عضو اللجنة أنه سيتولى مهمة محاسبة المدير العام على أدائه، فيشعر بالقوة، ثم يراجع التفاصيل ليتأكد من جديد أن مهمة اللجنة هي تشخيص المرض وإيجاد الدواء حتى لو كان ذلك يمس جوهر الإدارة، وهذه خطوة جريئة فعلاً!
والمهم هنا، أن (المدير العام) كشخصية اعتبارية كان موجوداً، وكمهني عمل طويلاً في الإذاعة والتلفزيون (المهندس محمد رامز ترجمان) كان متحمساً وأنصت باهتمام، بل ووافق على كثير من وجهات النظر والانتقادات!
هذا يعني، أن العمل جاد وهو ليس قراراً شخصياً مؤقتاً، بل هو قرار يتطلع إلى إنجاز شيء مهم في هذه المرحلة الصعبة التي تهم كل جوانب الحياة في بلادنا، وإذا كان الجميع جادين، فما الذي يمنع من أن تنجز هذه اللجنة أعمالها، وتقدم ماعندها من حلول لمشاكل عالقة منذ عقود؟!
عند هذه النقطة أحسست بمسؤوليتي. وسريعاً، شرعت في تدوين الملاحظات البنيوية المتعلقة بأداء الإذاعة والتلفزيون، فاكتشفت مجموعة نقاط على غاية الأهمية:
أولها، أن هناك تراثاً هائلاً من الإنتاج الدرامي والبرامجي أسّس لسمعة التلفزيون العربي السوري كجهاز يصل إلى كل بيت في مرحلة البث الأرضي ويصل إلى عشرات ملايين العرب في المرحلة التالية، أي البث الفضائي!
ثانيها، أن هذا التراث أسّس لمصداقية كبيرة عند المتلقين السوريين والعرب، وتمكنت الشاشة السورية من أن تكون شاشة المنزل العربي المفضلة، وذلك لأسباب معروفة!
وثالثها، أن هذا التراث، وهذه المصداقية (لاحظوا خطورة الفكرة) تبدو وكأنها تعجز في عصر الفضائيات الحالي عن المنافسة!!
أمام هذه النقاط يفترض أن يكتب كل منا ورقة العمل المطلوبة منه. لكن..
وهذه الـ(لكن)، هي بيت القصيد: هل يقوم (كاتب ورقة العمل) في اللجنة العتيدة بالتعريج على خطورة مايجري في الإعلام الفضائي العربي؟ وهنا يجد نفسه متمسكاً بالتراث والمصداقية اللذين تحدثت عنهما للشاشة السورية؟
أم هل يعتبر مايجري في الإعلام الفضائي العربي إمامه وقدوته، ويقول: ضع رأسك بين الرؤوس، وقل يا قطاع الرؤوس!
أم هل يبحث عن أدوات عصرية جديدة تعيد إنتاج التراث الفذ للتلفزيون وتزيد عليه وتجدد المصداقية التي حققها تاريخياً، وتضيف إليها، فتكسر حالة العجز عن المنافسة؟
أطرح هذه الأسئلة، وأنا أعرف جيداً أن الرسالة الإعلامية هي التي تحدد مسار الإجابات!