عندما تستيقظ متأخراً! (مفتاح الأمل)
قبل أيام استيقظت متأخراً، وقد سيطر علي خمول كبير!
لم أعتد النهوض من سريري إلا بقمة النشاط، وذلك لا يحصل إلا في الوقت الباكر..
استيقظت متعباً، وقد سيطرت علي كآبة غريبة أعادتني إلى أيام من اليأس لا أريد استعادتها في خاطري..
ما الذي يجري عندما تستيقظ متأخراً في بلادنا؟
أول المفاجآت أنك تفتقد لصورة الفجر، وهو يشرق من حولك بنوره الأخاذ الذي يدفعك لتعلن بنشاط بينك وبين نفسك أنك لن تموت قبل أن تنجز هرماً يشبه هرم خوفو، وثاني المفاجآت أنك تخسر أجمل اللحظات التي تتألق فيها الأرض السورية مع أول إطلالة لشعاع الشمس يمسح فيها وجه الحجر والتراب والطرقات والبيوت والشجر والياسمين والجداول..
وثالث المفاجآت، أنك لا تسيطر على الوقت، لأن الاستيقاظ باكراً يجعلك تشرب القهوة مرتاحاً، وتستحم بهدوء وتتناول إفطارك بمتعة وترتدي ثيابك بأناقة، وتنجز عملك بصفاء، وتتجه إلى مواعيدك دون تأخر، ثم إنك تستطيع أن تبتسم للأطفال وهم يذهبون إلى مدارسهم..
لا أعرف السبب الذي جعلني أتأخر في النوم إلى هذه الدرجة!
قلت في نفسي: (ربما يكون السبب في تلك الهواجس التي انتابتني قبل النوم، وجعلتني أتقلب على فراشي وقتاً طويلاً، وذلك ما سرق من نومي الكثير.)..
وقلت أيضاً: (ربما يكون السبب في الأخبار التي سمعتها من المحطات الفضائية التي تثير القلق حول مستقبل بلادنا والمنطقة..)..
وآخر الاحتمالات التي وصلت إليها هو أنه (ربما يكون البرد القارس الذي انتشر عند الصباح هو السبب في هذا القلق الذي أصابني..)..
ولم أصل إلى نتيجة!
في صباح اليوم التالي.. لم أتردد في النهوض من فراشي مع أول شعاع للشمس. نهضت بحيوية غريبة، كأن تلك الحيوية أرادتني أنا لا أكرر مشاعر اليوم السابق.. وبسرعة شربت القهوة واستحممت وتناولت إفطاري وخرجت من البيت..
كانت الشمس قد بدأت تمسح بيديها الدافئتين على بيوت الشام.. وكانت بقايا أنوار المدينة النائمة تختلط مع ضوء الشمس الواهن الذي كشف المدينة من جهة الشرق لتصنع خليطاً رائعاً يثير مشاعر خاصة في النفوس.. أما حركة الشوارع فكانت مطمئنة.. خرجت سيارات قليلة إلى الحياة، وشرع المصلون يعودون من المساجد إلى بيوتهم، وفتحت بعض المحلات أبوابها لترتيب يوم جديد في سوق العمل والحياة الروتينية..
رأيت شرطة المرور على الزوايا، وبعض طلاب المدارس يحملون حقائبهم وينتظرون حافلاتهم اليومية.. وعند أفران الخبز كان بعض السكان يقفون في رتل قصير بانتظار دورهم.. رأيت الشام وهي تستيقظ..
وهناك.. هناك عند الجهة الغربية من قاسيون كان ثمة علم يرفرف فوق حديقة تشرين وكأنه استيقظ مثلي باكراً.. نظرت إليه.. لوحت له بيدي.. من يلوح لقطعة قماش، فتلوح له؟!
أنا فعلت ذلك..
تبدو المسألة نوعاً من خداع البصر، لكن العلم راح يدندن بالنشيد، فرحت أردد معه مفتاح الأمل الكبير!