الأولويات يا حكومتنا

قرأنا في الصحافة السورية كثيراً من المقالات والأنباء التي تتحدث عن نشاط هذه الوزارة، ودأبها لتحسين الصورة السورية أمام العالم، رغم الحرب الدائرة فيها، ورغم الخراب والتدمير اللذين أحدثتهما في البلاد القوى المدعومة من الخارج.

ولا شك أننا نشكر هذه الوزارة على نشاطها، ونقيّم حرصها الشديد على أن يبقى وجه سورية متألقاً بنظر شعوب العالم.. إلا أن ما أثارنا، هو خبر نقلته الصحافة السورية عن عزم الوزارة، أو على الأصح موافقة المجلس الأعلى للسياحة على بناء ثلاثة مشاريع سياحية، تتضمن كل منها (تلفريك)، وذلك في المناطق التالية، وهي الحفّة، والبدروسية، والقرداحة.

إن أحداً لا يمكن أن يقف دون تنفيذ مثل هذه المشاريع التي يمكن أن تكون حيوية بالنسبة لتطوير السياحة في بلادنا، لو كانت سورية بحالة تصبح فيه إقامة مثل تلك المشاريع ضرورة وأولوية بالنسبة للاقتصاد السوري، الذي يعاني_ كما قلنا_ من كثير من التهديم والتخريب في البنى التحتية، والسؤال المطروح الآن هو ليس لوزارة السياحة فقط، وإنما للحكومة أيضاً التي لم يكن لوزارة السياحة أن تعلن عن هذه المشاريع لولا الموافقة التي حصلت عليها منها.

 إذاً السؤال مطروح للحكومة: أين تعهداتها بإعطاء الأهمية الرئيسية في سياستها الاقتصادية للضروريات الأولية التي تحتاجها سورية حالياً، والتي يمكن تذكير الحكومة بها، وهي: إعادة إعمار ما هدمته الحرب من مؤسسات إنتاجية وسكك حديدية وطرق ومنازل شعبية للذين تهدمت منازلهم، وضبط أسعار الليرة وبالتالي الحد من غلاء المعيشة، ومن جشع المحتكرين، ومراقبة الأسعار، والحد من التهريب غير المنضبط، الذي يقوم ويشرف عليه بعض المتنفذين ومحدثي النعمة، والاهتمام بصحة الناس وأمنهم وتعليمهم، وتحسين الأمن الغذائي، والكثير غيره؟.

هل سورية محتاجة الآن إلى تلفريكات من أجل أن يأتي السائح الأجنبي لاستخدامها كي يتمتع بمناظر سورية الخلابة، وهو لن يأتي في هذه الظروف؟ أليس من الأفضل الاهتمام بالمواطن السوري الذي يستحق الكثير، وذلك بتأمين سياحة رخيصة له، تظهر حرص هذه الحكومة على تأمين كل ما يمكن أن يخفف عن كاهله أعباء الحياة التي تضاعفت خلال هذه الأزمة التي عصفت بالبلاد.

وكذلك.. لابد من طرح سؤال على وزارة السياحة أيضاً حول الأسباب التي جعلتها تفكر بإقامة هذه التلفريكات في تلك المنطقة التي أشرنا إليها.. هل السبب تطوير السياحة فقط، أم إفادة بعض المتنفذين في تلك المنطقة؟

 سؤال يحتاج إلى جواب!

وأخيراً.. إن مصداقية أي حكومة هي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمقدار ما يكون المواطن السوري في مركز اهتمامها فيما يتعلق بأي سياسة اقتصادية يمكن أن تنتهجها، وهذا ما يجب التذكير به دائماً.

العدد 1140 - 22/01/2025