إنسانية هيلي.. وفضائيات الفتنة!
منذ أن بدأت معركة الغوطة الشرقية شهدنا حملة إعلامية هستيرية وغير مسبوقة ضد الدولة السورية وروسيا الاتحادية، انطلقت فجأة ومازالت مستمرة: تقارير ملفقة وصور كاذبة لها أول وليس لها آخر، حول ما وُصف زوراً وبهتاناً بـ(فظائع وارتكابات تجري فيها).
إن أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها حفلات ردح وندب وشق ثياب ولطم على مدار الساعة، تباكياً على المدنيين في الغوطة الشرقية. المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة ومندوبا بريطانيا وفرنسا، كلهم يذرفون الدمع مدراراً على هؤلاء المدنيين، وما من شك بأنها دموع التماسيح الكاذبة. أما دمشق العاصمة وريفها التي أُمطرت بقذائف المدفعية والصواريخ على مدى أكثر من أسبوع وراح ضحيتها العديد من الشهداء والجرحى، فلم تستحق من هيلي نيكي وحلفائها في مجلس الأمن أي دمعة أو لفتة، وكأن سكان دمشق وريفها ليسوا مدنيين!
محطات الفتنة مثل العربية والجزيرة وتوابعهما لم تتطرق أيضاً لهذه القذائف ولو بخبر عابر من باب رفع العتب على الأقل، علماً بأن قذائف الحقد والغدر هذه طالت المنازل والمدارس والمحلات التجارية وغيرها. هذه هي (إنسانية) مندوبي واشنطن وباريس ولندن والقائمين على فضائيات الفتنة العميلة.
أيضاً في حمأة هذه الحماسية الإنسانية المتفجرة تجاه أطفال الغوطة وشيوخها ونسائها، لزمت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون وعملاؤها في المنطقة والفضائيات الناطقة باسم هؤلاء جميعاً، لزموا الصمت، بل صمت القبور، وصمتوا أيضاً تجاه المجازر التي ارتكبها طيران ما يسمى بالتحالف الدولي بقيادة واشنطن بحق المدنيين في الرقة ودير الزور، وبحق القوات الشعبية التي كانت تحضّر للتصدي لداعش.
مدينة الرقة التي مسحها طيران ما يسمى بالتحالف الدولي عن سطح الأرض، وراح ضحية غاراته المئات من المدنيين، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، لم تستحق من هيلي وحلفائها والمحطات الفضائية العملية لهم هذه (اللفتة الإنسانية) الكاذبة التي أظهروها تجاه المدنيين في الغوطة الشرقية. على أي حال، هذا ليس مستغرباً. في الوقت نفسه فضح المندوب الروسي في مجلس الأمن هذه الحملة الإعلامية الهستيرية ضد سورية وروسيا، عندما تساءل مستغرباً: (أليس في الغوطة الشرقية سوى المستشفيات والمدارس؟ أليس فيها مسلحون ودشم مستودعات ذخيرة وسلاح ومهاجع ومواقع إطلاق مدفعية وصواريخ؟ وتابع السؤال: إذاً كيف تصمد الغوطة الشرقية كل هذه السنوات؟ وبالتالي ثمة ما يشير إلى أن خرائط غرف التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لا تؤشر إلا على إحداثيات هذه المواقع الإنسانية!).
إضافة إلى ذلك، فإن إعادة العزف على وتر الكيماوي السوري لا تخرج عن إطار هذه الحملة الإعلامية، علماً بأن دلائل كثيرة تؤكد أن شحنات من غاز الكلور وغيره دخلت إلى الأراضي السورية عن طريق تركيا، ليستخدمها الإرهابيون ويتهموا الجيش العربي السوري بذلك.
وهكذا يمكن التأكيد أن واشنطن وحلفاءها وعملاءها لا يتبعون فقط معايير مزدوجة، بل يحاولون بشتى الطرق إنقاذ جبهة النصرة والجهات الإرهابية الأخرى المتحالفة معها من هزيمة مؤكدة في الغوطة الشرقية على يد الجيش السوري وحلفائه، وكذلك تبرير الوجود الأمريكي العسكري الاحتلالي في الأراضي السورية وتقسيم سورية، والتصعيد ضد روسيا وإيران.
باختصار، إن (الثوب الإنساني) الذي تتلطى وراءه واشنطن وحلفاؤها وعملاؤها هو من قماشة (قميص عثمان) الذي يصلح للاستخدام في حملات التجييش ضد سورية وروسيا وإيران، والهدف من هذا التجييش، كما أشرنا قبل قليل، حماية جبهة النصرة وجيش الإسلام وفيلق الرحمن وغيرهم، والدفاع عنهم، كما دافعوا عن داعش الإرهابي في الرقة ودير الزور وإدلب ونقلوا مقاتليه، بل إرهابييه، إلى أماكن آمنة لاستخدامهم لاحقاً.