انتفاضة شعبية في الغوطة تفكّ أَسْرَ عشرات الألوف
كان يوم 17 آذار بالفعل يوماً تاريخياً، وهو اليوم الذي أطلق فيه الإرهابيون سراح مئات الألوف من مواطني بلدة حمورية والبلدات الأخرى المجاورة في الغوطة الشرقية المحيطة بالعاصمة، بعد سجنهم أو احتجازهم عدة سنوات في مخابئ وأقبية وأنفاق أقلّ ما يمكن القول فيها إنها لا تشبه إلا الأوكار القذرة التي اعتاد قادة الإرهاب على اللجوء إليها لحياكة خططهم الحاقدة ضد وطنهم سورية، وضد المواطنين الأمنيين الأبرياء والعزّل، فقد كانت الأسلحة وخاصة الصواريخ مهمتها الأساسية إحداث تخريب عشوائي قاتل بالناس وبالممتلكات والمرافق العامة. وإن نسي التاريخ فلن ينسى الأطفال الجرحى حيث لا مستشفيات ولا أدوية ولا غذاء.
إن الفرحة التي أحس بها الناس وعبّروا عنها يوم خروجهم من بلداتهم في الغوطة، بعد أن تعاونوا مع الجيش لتسهيل عملية الخروج، قد كانت فرحة تحمل الكثير من المعاني، أولها أنها سهّلت دخول الجيش إلى الغوطة وتحريرها، وقد أصبح عشرات الألوف من الناس قادرين على العودة إلى منازلهم، وثانيها أن الناس قد اكتشفوا كم هي تصرفاتهم بعيدة عن مفهوم ما أسموه بالثورة، وأدرك كثير منهم ممن أتيح المجال لرؤيتهم، كم أن حب الوطن لم يفارق هذه الألوف المؤلفة التي حرمت من أبسط قواعد الحياة في أماكن الاحتجاز.
وفي جميع الأحوال، برهنت هذه الألوف أنها مازالت تختزن في أعماقها روح التعلق بالوطن والاستعداد للتضحية في سبيله.
لقد أمل الكثيرون من أن الفرصة التي أعطيت للموقوفين الذين حملوا السلاح ضدّ الدولة، أن يستفيدوا من هذه الفرصة، لأن الأجواء السائدة في البلاد الآن هي أجواء السعي نحو المصالحة الوطنية، وقد حُسمت المعركة العسكرية بشكل شبه نهائي لصالح الدولة السورية، وسقطت شعارات ومفاهيم غُلاة الإرهابيين الذين يتكسّبون مالاً وذهباً على حساب أرواح أزلامهم ممن مازالوا واهمين بالواقع وبالمستقبل الذي انسدّت آفاقه أمامهم.
=======================