على هامش معرض الكتاب:ليس في بيتي مكان للكتب..أريد حلاً!

كل القصص والحكايات التي يرويها هواة القراءة في بلادنا تتعلق بالمساحة التي تشغلها المكتبات في بيوت أصحابها، والمفارقة أننا نعيش في وقت يكون فيه سلطان زمانه ذاك الذي يسكن في بيت مستقل صغير يتسع بصعوبة له ولأسرته، ينامون ويجلسون في غرفة واحدة، وأنا من هذه المجموعة من الناس.

وقد كتب الكثير عن هذا النوع من المعاناة، وسمع القراء أو الكتاب تهكمات كثيرة بسبب كتبهم دفعت بعضهم لبيع مكتباتهم أو توزيعها على الأصدقاء، واضطر آخرون إلى الطلاق بسبب الكتب، أما الجاحظ المسكين فيحكى أن الكتب وقعت فوقه فخنقته، فارتاح وريّح!

لم أكن بعيداً عن هذه الأجواء، رغم أن عدد كتبي هو بضعة آلاف ليس غير، بعد أن رميت المجلات الثقافية والفنية والسياسية، وفي أحد الأيام، وبعد أن تزوجت أنا واثنين من إخوتي خلال أقل من شهرين في البيت نفسه، ضاقت بنا السبل، وقد اقتسمنا الغرف بالعدل وكانت حصتي أنا وزوجتي غرفة واحدة، أي أن عليّ أن أسحب مكتبتي الموزعة في غرف بيت الأسرة الكبير لتصبح عندي في بيت الزوجية الصغير، أي الغرفة حصتي!

ولأن المشكلة صعبة الحل تراخيت بسحب الكتب إلى أن قامت زوجة أخي بعد أيام بجمع أكداس الكتب ووضعها أمام باب غرفتي، وكان رد فعلي أنني رحت أحملها وأرميها في حاوية القمامة القريبة من البيت، إلى أن أمسكتني زوجتي عن هذه الفعلة!

ويومها تذكرت أمي رحمها الله، فقد قالت لي: لا أعرف ما الذي ستجنيه من هذه الأكداس التي جرّت عليك المصائب وأوجاع الرأس وجعلتك تضع تلك النظارة التي جعلتك عجوزاً، فكتبت قصتي التي أحبها النقاد، وكان عنوانها: الرجل الذي أحرق الكتب.. والغريب الذي أبحث عن سببه الآن هو أن سبب حرق الكتب في تلك القصة لم يكن ضيق المكان بل هو وجود أفعى فيها، وأنا أرى في عقلي أن في الكتب ثروة روحية وفكرية وحضارية كبيرة!

زاد عدد كتبي كثيراً، وأحياناً أجد على طاولتي وهي نفسها التي نأكل عليها، دستة من الكتب ينبغي أن أقرأها لأنها أهديت إليّ، ولاتزال المشكلة تقض مضجعي، فالبيت الذي نسكنه الآن ضاق علينا، وبرزت قصة الكتب من جديد.. الكتب موجودة على رفوف المكتبة القديمة. رتبت بعضها فوق بعض فصارت تشبه حافلة طلاب وقت الظهيرة، وهناك كتب في أدراج الصوفايات، وكتب تحت السرير، وكتب فوق السرير، وهناك كتب في المستودع الجماعي للبناء. كتب في كل مكان..

عندما سمعت بعودة معرض الكتاب ارتعدت أوصالي، فهذا يعني أن علي أن أشتري كتباً جديدة، وذلك يحتاج إلى مخصصات، كما أن من الضروري توفير مكان لها حتى لو كانت ثلاثة كتب..اتخذت قراري.. لن أشتري شيئاً!

كان قراراً صعباً، تراجعت عنه في أول يوم من معرض الكتاب..

نعم، تراجعت عنه.. لن أتحدث عن المسألة المالية، ولكن من الطبيعي أن أبحث عن حل لمكان الكتاب.. أتعرفون بماذا أفكر؟!

أفكر جدياً بإهداء مكتبتي إلى المركز الثقافي في قريتنا.. إذا فعلت ذلك فسيجدون هم حلاً للخلاص من حجم الكتب، وربما يوزعونها على السكان، فتأتيني حصتي من جديد، لأبدأ بتشكيل مكتبة جديدة!! 

العدد 1140 - 22/01/2025