ماذا يقول آكل النمل للنمل؟!…الشرق الأوسط الجديد…وهو يأكل العرب!
يوم صدر كتاب شمعون بيريز رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق عن الشرق الأوسط الجديد قرأناه بتمعن، وقراءته على هذا النحو كانت ضرورية لأن اتفاقات كامب ديفيد كانت قد وقّعت وكانت اتفاقات أوسلو تطبخ على نار هادئة، وكانت اتفاقية وادي عربة جاهزة. وكانت النية معقودة باتجاه توقيع اتفاق 29 أيار في لبنان رغماً عن سورية..
قرأنا الكتاب لأننا كنا نريد أن نعرف كيف يفكر الإسرائيليون وهم يرسمون سياستهم للمنطقة العربية في مشروعهم القادم، وكانت كامب ديفيد قد فتحت فجوة كبيرة في جدار النضال العربي لم يستطع العرب سدّها حتى الآن!
في مضمون كتاب (الشرق أوسط الجديد) لشمعون بيريز وجهة نظر أخطر من كل ما حصل منذ نكبة فلسطين، وجهة نظر تشبه اللوكيميا أو سرطان الدم يتسلل في الدم، ولا يلبث أن يقضي على صاحبه….على نحو أدقّ يذكّرنا كتاب بيريز، السيّئ الذكر، بقصة آكل النمل الذي يهمس للنمل بنعومة: لا تخافوا.. سآكلكم فقط؟ هكذا كان يرسم بيريز للعرب..
أتلاحظون كيف يأكلنا الشرق أوسط الجديد اليوم؟!
ألا تذكرون كيف سقط الاتحاد السوفييتي، تحت وقع تحولات البريسترويكا التي أطلقها غورباتشوف في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي.. يومذاك أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية انتصار القيم الرأٍسمالية في العالم، أي صارت أمريكا تحت خيمة يا جبل ما يهزّك ريح..
إن ما يخيفنا هذه الأيام هو أنفسنا.. لم نكن نخاف من الغزوات ولا كل أنواع الاجتياح. ما أخافتنا في التاريخ جحافل هولاكو المغولي التي اجتاحتنا فأحرقت بغداد وصبغت نهري دجلة والفرات بحبر المخطوطات الحضارية العربية، ولا أخافتنا هجمات الهكسوس التي صدّتها حمص في معركة تل مندو.. ولا أخافتنا الدولة العثمانية وهي تمسكنا بخناقنا أربعمئة سنة.. ولا الفرنسيون وهم يقصفون دمشق بالقنابل دون رحمة كما كتبت الصحفية الفرنسية إليس بوالو وهي تكتب عنا كشاهد عيان..
نخاف فقط من أنفسنا.. نعم: فهل نحن قادرون على طرح الأسئلة الجريئة في زمن صعب يجتاحنا فيه آكل النمل؟
إذا كنا قادرين على طرح الأسئلة ، فلماذا لا نطرح الأسئلة على المرآة..؟!
في حلب.. لاحظوا جيداً أيّ تحدٍّ يصنعه التاريخ الآن: في حلب يصنع السوريون تحدّياً أكبر من إمكانات كل العرب..
ليس في جعبتنا إلا سؤال: هل سيلتهم آكل النمل هؤلاء العرب الذين يتآمرون علينا؟ وإذا كان قد شرع في التهامهم منذ كامب ديفيد ، فهل ستعلن حلب نهاية الوجبة الدسمة التي قدموها لآكل النمل؟ هل ستعلن حلب بداية عصر يكسر حدة القلق على الغد والمستقبل..
هذه الأسئلة ينبغي أن يطرحها العرب أمام المرآة ، ففي حلب صورة التحدي لوحشية آكل النمل الكبير..