الحرب.. وهي
هي الحرب أم هو الفكر الذي يظلمها ويدينها ويرفضها؟ وكأنّ ظروف العالم اجتمعت لتكون هي ضحيّة لكلّ شيء، فهي نصف المجتمع، وهي من تربي النصف الآخر، وهي مدرسةٌ إن أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراقِ، فإذاً لمَ لا نقضي عليها ونجعلها سلعةً أو رقّاً أو ضحيّةً لعُقَدٍ أو لنزوات؟، ولماذا لا نجعلها تظنُّ ذلك بنفسها أيضاً؟ فنجعلها تنشئ جيلاً خاوياً من كلّ قيمةٍ أو فكرٍ أو قوةٍ أو رفعة.
في هذه الحرب كانت المرأة هي الضحية الأولى، فشُرّدت واغتُصبت وجاعت وتيتمت وبيعت واستؤجرت، نعم، فقد ازدادت حالات الاستئجار كعقدٍ يسمّى بالشرعيَ، فصار الأب يتفق مع سعوديّ أو أردنيّ أو أي عربيّ أو حتى سوريٍّ ميسور فيسلمه ابنته لمدة محدودة كزواجٍ شرعيّ، ويقبض ثمنها، وبعد ليلاتٍ قليلة تطلّق وتعودُ إليه فيتزوجها الآخر. المشكلة أن بعض الآباء يقبلون عن فهم، وبعضهم يقبلها على أنه زواج شرعي على سنة الله ورسوله. وأما هي فتخسر طفولتها وشبابها وقلبها وتتجرّد من إنسانيتها، فتقبل خانعةً بما قدِّرَ لها، إلى أن تصبحَ صنماً يربي أصناماً.
وكم صار في هذه الحرب زيجاتٍ غير محصاة في الزواج العرفي، الذي هو مرفوضٌ تماماً لدينا لأنه غير مشهر، ولكن الآن وبسبب الظروف السيئة مادياً ومعنوياً وعاطفياً وحتى أخلاقياً صار شبابنا يستسهل خدعة الزواج العرفي لتسكت رغباتهم وتلبي أفكارهم. ومن هنا نجد التملق والكذب والشهوة والكفر بالقيم والأهل والمجتمع. والخاسر الأكبر هي الفتاة طبعاً، فمجتمعنا شرقيّ.
والتفكك صار عنواناً صارخاً من عناوين الحرب، فالاختلاف السياسي يسببُ جدالاً ثم صراخاً ثم سوء تفاهمٍ ثم الانفصال. كما سببت الحرب سوء الحالة الاقتصادية وفقدان العمل وبالتالي، بدأت تكبر الخلافات الأسرية والتفكك العائلي الذي يؤدي إلى الانفصال أو الهجران أو التسرب خارج المنزل ستفقد المرأة إحساسها بأمان السنين، فلا بيتها عاد بيتها ، ولا أهلها قادرين على تحمل عبئها وأطفالها ضمن هذه الظروف.
هو الطلاق الذي يفكك ويحرم ويتعب ويشرد، وحينئذ نرى المطلقة بهموم كبيرة، فقد خسرت عائلتها وبقيت بلا مورد أو بلا سكن أو بلا أطفالها، نراها والظلم واقعٌ عليها من أهلها ومجتمعها فينظرون إليها بنظرة شفقة أو عائبة أو افتراسية.
وحين يوصلوها إلى درجات الانحراف الأخلاقي أو الثقافي أو الاجتماعي، حينئذ فقط يصل العدو إلى مبتغاه، فيدمّر أرضاً وحضارةً وشعوباً وأجيالاً. فمجرّد أنه استطاع أن يلغي من تفكير الشعوب أن (الجنة تحت أقدام الأمهات) ويكسر لهم هذا القول، يستطيع أن يجعلها (سلعة وأداة هذه الأرض).
المرأة عمادٌ أساسي، فلنحافظ عليه دون تعصّب أو كبت أو تحرر مبالغ به، ولنسقِه من العلم والمحبة والثقافة والحرية المسؤولة.
المرأة هي الأم والأخت والصديقة والحبيبة والزوجة والابنة.
المرأة أنثى كما سورية… فلنعتنِ بها لتعتني هي بنا!