خارج الصندوق الاقتصادي

د. عامر خربوطلي:

عبارة انطلقت أساساً من نمط تفكير غير تقليدي، إبداعي، وابتكاري أساساً، وهو يعني تحييد التجارب والأفكار والمبادئ السابقة، للمجيء بحل جديد لا يعتمد على أي شيء موجود في (الصندوق).

في عام 1899 قال مفوض الولايات المتحدة الأمريكية للبراءات والعلامات التجارية، ولا يهمّ ذكر اسمه هنا عبارة: (إن كل شيء كان من الممكن اختراعه فقد جرى اختراعه). وهذه المقولة بالضبط ما كان يُطلق عليه التفكير داخل الصندوق، وهو التفكير النمطي التقليدي المحدود، ومن خلال قاعدة (وبالأضداد تُعرف الأشياء) فإن التفكير خارج الصندوق يعني أنه لم يتحقق اختراع أو ابتكار كل شيء بعد، وأن هناك مجالات لا حدود لها للتطوير والإبداع.

من قواعد التفكير الإبداعي خارج الصندوق أن يجري حذف وإلغاء كل ما هو معتاد ونمطي ومجرب سابقاً، والخوض في عالم رحب من الحرية والتحرر من القيود والضوابط، والتركيز على الإلهام والجودة وتغيير بيئة العمل وإعادة صياغة الاشياء واعتماد قاعدة الخطأ والتجربة.

في الحرب العالمية الثانية، وبسبب نقص الموارد لم يتمكن صانع الشوكولا الشهير (ميشيل فيريرو) من الحصول على ما يكفي من الكاكاو، فأضاف له حبة بندق كاملة وصنع الشوكولا الشهيرة (فيريرو روشيه) أي أنه أضاف حبة البندق بغرض تصنيع الشوكولا وليس بغرض توفير المال، هنا فكر المنتج خارج الصندوق، وبدلاً من اللجوء إلى غشّ منتجاته، قام بابتكار منتج جديد أضاف له حبة البندق الطبيعية التي يقارب ثمنها ثمن الشوكولا التي سيوفرها، وبهذا تخلص من أزمة نقص الكاكاو وأعطى العمل منتجاً جديداً ومميزاً (انتهت العبرة).

مع اعتماد الحكومة السورية الجديدة وبشكل غير مسبوق لنهج التفكير خارج الصندوق كأسلوب جديد لاستنهاض الأفكار الإبداعية الملهمة، سواء لخلق قيم مضافة جديدة أو استخدام طرق غير مألوفة لحل المشاكل الاقتصادية وبأقل قدر ممكن من التكاليف وأعلى درجة من العائدية، فإن مساهمتنا المتواضعة من خارج الصندوق ستكون كما يلي:

1-لا معنى لأي سياسة اقتصادية إذا لم تؤدِّ في النهاية إى لتحسين دخل الأفراد وتحسين معيشتهم.

2-تحقيق الوفورات المالية لا معنى له، إذا لم تُقارن بالرأسمال المادي والبشري المولّد لها.

3-الإجراءات ليست أمراً مقدساً وكل إجراء يمكن تعديله نحو تحقيق الكفاءة والسرعة والفائدة.

4-الحلول الاقتصادية الجريئة لا تأتي من معرفة الأسباب، بل من اختبار نتائج هذه الحلول وقياس جدواها.

5-استخدام تحليل العائد /التكلفة لقياس جدوى القرارات الحكومية من الناحية الاقتصادية الاجتماعية.

6-الضرائب إذا أكلت مطارحها تصبح عندئذٍ كارثة اقتصادية.

7-شريان التمويل والتدفق النقدي يجب أن يتناسب مع احتياجات الاقتصاد في كل مرحلة، لا زيادة تُحدث تضخماً ولا نقصاً يُحدث انكماشاً.

8-القيم المضافة في العالم أصبحت تُخلق من التقانات والبرمجيات والخدمات بأرقام مضاعفة على حساب قطاعات الإنتاج التقليدية (الزراعة –الصناعة).

9-دمج تقانة الاتصالات والمعلومات مع القطاعات التقليدية يمنحها ميزة الابتكار والتفوّق.

10-البنية التحتية المتطورة والمؤهلة هي حجر الأساس لأي نهوض اقتصادي جديد، ومن دونها لن يحدث أي أثر.

11-اعتماد أسلوب (Z) في الإدارة والمستويات الإدارية تضع تعليمات عملها والنتائج بالأهداف لا بالوسائل.

12-المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر لغز الاقتصاد السوري، وبدعمها المركَّز يحصل نموّ اقتصادي مضاعف.

13-لا معنى لتسميات ومصطلحات وهيكليات وأجهزة بيروقراطية إن لم تحقق أثر مادي ذي كفاءة.

14-التصدير ليس نشاطاً روتينياً تقليدياً، بل هو خطة عمل استكشافية للأسواق الخارجية تبدأ من بناء بنوك معلومات خارجية.

15-السجلات والتراخيص ليست أمراً مقدساً وواجب التطبيق، ويمكن الاستعاضة عنها بفكرة (علم وخبر) للإدارات البلدية المحلية على كامل الجغرافيا السورية.

16-وزارة خاصة للمشروعات الصغيرة توحد التفكير والسياسات والأدوات.

17-تمويل المشروعات الصغيرة عبر ضمانة الفكرة أو دراسة الجدوى الصحيحة، بدلاً من الضمانات العقارية لمشاريع غير ناجحة أصلا.

18-لا معنى لبذل جهود كبيرة واجتماعات عديدة لأهداف اقتصادية غير ذات قيمة والتركيز على الأهداف الكبرى.

19-إعطاء الدور الاقتصادي لمن يستطيع أداءه بأكبر قدر من الكفاءة والفاعلية.

وما زال خارج الصندوق الاقتصادي مليئاً بالأفكار غير المطبقة يمكن استلهامها عند الحاجة.

العدد 1132 - 13/11/2024