الطفولة أمانة.. فكفى استغلالاً للأطفال!
د. عبادة دعدوش:
في زوايا المجتمع، تتجلى براءة الطفولة كأروع لوحة فنية. لكن للأسف، هناك من يحاول تشويه هذه الألوان الجميلة بسواد الاستغلال والانتهاك. تأتي مناسبة (اليوم العالمي لمنع الاستغلال الجنسي للأطفال) لتُسلّط الضوء على قضية تمسُّ عمق الإنسانية، وتُنبئ بضرورة النهوض بحرّاس الطفولة، والدفاع عن حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الدول التي تتعرض لأزمات.
إن الطفولة زهرة نادرة تحتاج للرعاية، فالأطفال هم الثروة الحقيقية للمجتمع، تحمل براءتهم وعفويتهم طاقة الحياة، وهم يمثلون الأمل في غد أفضل. من الطفولة، تُبنى الأُسس الأولى لتكوين الشخصية، ولذا فإن توفير بيئة آمنة وملائمة لنموهم واجب كل فرد منّا.
إن الاستغلال الجنسي ليس مجرد انتهاك لحقوق الطفل، بل هو تدمير للطفولة نفسها، إذ يتمخّض عنه آثار نفسية مدمرة قد تستمر مدى الحياة.
لا شكّ أن واقع الأطفال في سورية يُمثّل معاناة فوق معاناة، ذلك أنهم يعانون من ويلات الأزمات المستمرة، وهم ضحايا أزليون للاستغلال الجنسي خلالها. في ظلِّ الظروف الصعبة والانعدام شبه الكامل للموارد، يجد هؤلاء الأطفال أنفسهم في مواجهة خطر استغلالٍ جنسي كبير، إذ يُضطّرون للعمل في ظروف قاسية لتأمين لقمة العيش لأسرهم، ممّا يُعرّضهم لعتبات الخطر والانتهاكات الجنسية وسواها.
لقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين ينشؤون في بيئة نزاع هم أكثر عرضة للكثير من المخاطر، وبضمن ذلك: الاستغلال الجنسي، الذي يأتي كإحدى أولويات المنظمات الإنسانية لمواجهته وحماية هؤلاء الأطفال منه، والتحرّك السريع والتنسيق بين الجهات المُتعدّدة ضروري لوضع حدٍّ لهذا الانتهاك الصارخ.
لكن يبقى السؤال: كيف نكون حماةً للطفولة؟
يجب أن يتجاوز الحوار حول حقوق الأطفال حدود الكلمات، إلى أفعال حقيقية. إن العمل على منع الاستغلال الجنسي للأطفال يتطلّب جهوداً جماعية وتعاوناً حقيقياً من جميع أطراف المجتمع. وإليكم بعض الخطوات التي يجب اتخاذها:
التوعية والتثقيف: من الضروري نشر الوعي بين الأسر والمجتمعات حول حقوق الأطفال، وكيفية التعرّف على علامات الاستغلال.
تعزيز الأمان الرقمي: في عصر التكنولوجيا، يجب أن نتأكد أن الأطفال محميون على الفضاءات الرقمية، من خلال برامج توعوية ومتابعة دائمة.
توفير الدعم النفسي: يجب أن تكون هناك موارد متاحة للأطفال الذين تأثّروا بالاستغلال الجنسي، لتمكينهم من التعافي واستعادة قوتهم.
التعاون مع المنظمات الدولية: يجب على الدول والمنظمات الإنسانية العمل معاً لتطوير استراتيجيات فعّالة لمواجهة هذا الاستغلال وتعزيز حقوق الأطفال وحمايتهم.
وأخيراً، إن مستقبلهم أمانة في أعناقنا فالطفولة أمانة، وبقدر ما نعتني بها، فإننا نبني مستقبلاً زاهراً. ففي كل يوم تُشرق فيه شمس جديدة، يُشَرِّع فيه الأطفال أحلامهم بالمستقبل. علينا أن نكون السور الذي يحميهم، وأن نرفع أصواتنا في وجه كل من يحاول اقتحام عوالمهم البريئة، يمكننا أن نقاوم قوى الظلام وأن نمنح الأطفال الأمل الذي يستحقونه. فلنكن جنداً في غرس حب الطفولة وحمايتها، فالبراءة ليست فقط جزءاً من الحياة، بل هي حياة تستحق أن تُعاش بكرامة وأمان. دعونا نعمل لأجل الطفولة، ولنقف صفاً واحداً في وجه كل أشكال الاستغلال التي يتعرّض لها أطفالنا!