الصناعة في البيان الوزاري

فؤاد اللحام:

تضمن البيان الوزاري الذي يناقشه مجلس الشعب حالياً مجموعة من الإجراءات والتدابير التي ترى الحكومة أنها تساهم في معالجة عدد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية ومنها القطاع الصناعي. إلا أن الإجراءات التي تضمنها البيان فيما يتعلق بالصناعة جاءت في معظمها عامة دون تناول الخطوط العامة لهذه الاجراءات وكيفية تحقيق الأهداف المرسومة وبشكل خاص النقاط التالية:

1- أشار البيان إلى السعي لتكامل القطاع الزراعي مع القطاع الصناعي لتوفير احتياجاته من كل المنتجات الزراعية التي يمكن إنتاجها محلياً. وذلك دون الاشارة إلى ضرورة معالجة المشكلة الدائمة والمستعصية حتى الآن في هذا المجال والمتعلقة بتسعير المحاصيل الزراعية التي تشكل مدخلات للانتاج الصناعي كالقمح والقطن والتبغ والعنب العصيري والشوندر السكري. إضافة إلى ذلك ومن الجانب الآخر لم ترد إشارة إلى ضرورة توفير مستلزمات الانتاج الزراعي من المنتجات الصناعية: الأسمدة والمبيدات والآليات الزراعية والوقود إضافة إلى التسعير العملي لهذه المستلزمات وتوفيرها بالكميات اللازمة.

2-  كما أشار البيان إلى رسم سياسةٍ صناعيةٍ تعكس مسار التحوّل المطلوب اقتصادياً، وتتسق مع باقي السياسات القطاعية، والبدء بتنفيذها بما يُفضي إلى إحداث إصلاحٍ تدريجيٍّ في الهيكل الإنتاجي للصناعة الوطنية. لكن البيان لم يوضح ما هو هذا التحول المطلوب وما هي توجهاته ومكوناته.

 

3- كذلك أشار البيان إلى الاستمرار في تعزيز مساهمة القطاع الخاص في النشاط الصناعي والاقتصادي وتطوير البيئة التشريعية والتنظيمية لذلك، وهنا لابد من التأكيد على أن المدخل الأساسي في هذا المجال، والذي لم ترد الإشارة إليه، هو تمكين المنشآت الصناعية العاملة حالياً من الاستمرار في الإنتاج وعدم توقفها من خلال المعالجة الشاملة والمتكاملة للصعوبات التي تواجهها حالياً وفي كافة المجالات، واعتمادها وفق برنامج زمني محدد .

4- كما أشار البيان إلى معالجة الوضع القانوني للمنشآت الصناعية العامة المدمَّرة وغيرِها، بالتوازي مع إتاحة فرص الاستثمار بين القطاعين العام والخاص لكل المطارح القابلة للاستثمار المتضررةِ أو المتوقفةِ أو الخاسرةِ، والاستفادةُ من القوانين النافذة. وهنا لم يوضح البيان الأسس التي سيتم اعتمادها في هذا المجال هل من خلال التعاقد المباشر كما جرى في كل العقود التي وُقّعت لاعادة تأهيل الشركات العامة الصناعية: الأسمدة، السكر، الغزل … وما أُثير من تساؤلات حول شفافية ما جرى، إما من خلال استدراج عروض نظامية تضمن تحقيق أفضل الشروط والمزايا في هذا المجال.

5-  كما أشار البيان إلى الاستمرار بالدعم المخطط والمدروس للتصدير باعتباره مدخلاً تطويرياً للسياسة الصناعية وسياسة التجارة الخارجية وإتاحة عمليات التصدير عموماً، وتحقيق التوازن بين حرية التجارة وتقييدها حمايةً للصناعة الوطنية. وهنا لابد من الإشارة إلى أن التوازن المطلوب لابد أن يتضمن الحد من الآثار السلبية لهذه الأمور وبشكل خاص ما يتعلق بالتهريب من ناحية وارتفاع أسعار المنتجات التي يتم تصديرها في السوق المحلية نتيجة ذلك.

في ضوء ما سبق عرضه تبرز ضرورة العمل على مراعاة كل هذه الأمور من خلال الإجراءات التي ستتولى الجهات العامة المعنية القيام بها لتنفيذ مضمون هذا البيان وأن تجري مراجعة ما سيُنفَّذ وتقييمه بشكل دوري.

العدد 1128 - 16/10/2024