تسعيرة العنب العصيري والتفاح تأخرت فأصبح الفلاح تحت رحمة التاجر
السويداء- معين حمد العماطوري:
في كل عام ينتظر الفلاح صدور تسعيرة التفاح والعنب العصيري لتوريد منتجاته إلى مؤسسات الدولة، بعد ضمان وضع هامش ربح على التسعيرة، أو بيعه للتاجر في حال حقق السعر المناسب له، الذي يمكّنه من استرداد تكاليف إنتاجه وتحقيق ربح يستطيع تأمين حياته المعيشية خلال الموسم.
هذا العام انتظر الفلاح طويلاً وأرسلت الجهات المعنية في محافظة السويداء، مقترح التسعيرة الذي من شأنه تحقيق الحد الأدنى من الربح، إلا أن الفلاح انتظر طويلاً وجاء الموسم، ولم تصدر وزارة الصناعة التسعيرة، وطالب المجتمع والإعلام عبر وسائله المختلفة مراراً الحكومة التي رحلت بإصدار التسعيرة، وكانت تستخدم أسلوب إهمال المطالب.
ومن المعلوم أن موعد قطاف العنب العصيري يبدأ في الشهر التاسع والتسعيرة تصدر في الشهر الثامن لتوريد الإنتاج، على أساسها، إلى معمل التقطير بالسويداء، ولكن تأخر صدور التسعيرة والموسم أزف قطافه، ومعمل التقطير لا يستطيع استقبال الإنتاج إلا بعد صدور التسعيرة، ووزارة الصناعة والحكومة في سبات عميق.. وكانت تنتظر رحيلها، وبالتالي يبدو أنها لم يكن يهمّها إن ربح الفلاح أو خسر موسمه!
هذا الوضع أدخل الخوف إلى قلب الفلاح، فكانت فرصة مناسبة للتاجر للانقضاض على المزارع كفريسة، بغية استجرار أكبر كمية من الإنتاج بأقل سعر، والمفارقة التي تعلمها الحكومة أنه في فصل الشتاء يعود التاجر ويغطي السوق المحلية بالتفاح، ولكن بسعر يزيد عن شرائه بنسبة 500 بالمئة عما اشتراه من الفلاح، والسبب وزارة الصناعة والتجارة الداخلية وحماية المستهلك أو الأصح اللجنة الاقتصادية تأخرت بصدور التسعيرة ولم تصادق على التسعيرة النهائية للعنب العصيري والتفاح، فوقع الفلاح فريسة التاجر، رغم مطالبة الجهات بالتدخل لحماية محصوله من التلف، ولأن الفلاح هو حقل تجارب للاستعراضات، بدأت سوق المزايدة بتقديم العروض، وأخذ بعض المتنفذين يراهنون على تعديل التسعيرة ووعدوا بمطالبة حكومة تصريف الأعمال بالحل، فأحالت الموضوع إلى مديرية الأسعار وتحديد التكاليف، وصدرت التسعيرة بعد ان أزف رحيل الحكومة بضربة قاضية منها على الفلاح، فقد أصدرت تسعيرة العنب العصيري 3700 ليرة سورية بعد أن كان المقترح 5600 ليرة.
هذه التسعيرة النهائية لمادة العنب العصيري مخيبة للآمال، فكيف للفلاح تسويق إنتاجه إلى الشركة السورية لتصنيع العنب في السويداء، التي أعلنت استقبالها بسعر 3700 ليرة؟
والأهم الفاقد الذي طال المحصول نتيجة التأخر في بتوريده للمعمل؟
وقع الفلاح بين مطرقة المعمل وسندان التاجر، فإما الإحجام عن توريد إنتاجه من العنب العصيري إلى المعمل، وهذا سيؤدي إلى تلف المحصول (على أمّه) وضياعه، وإما القبول بهذه التسعيرة، وتوريده للمعمل، وهذا أيضاً سيلحق خسائر كبيرة، لأن المبيع لا يرد تكاليف الإنتاج، خاصة أن تكلفة إنتاج الدونم الواحد من العنب هذا الموسم وصل سقفه نحو مليوني ليرة، متضمنةً أجور التقليم التي تجاوز سقفها 12 ألف ليرة للساعة الواحدة، والفلاحة التي وصلت ساعتها على العزاقة إلى 75 ألف ليرة، وعلى الجرار إلى 200 ألف ليرة، إضافة إلى أجور الرش التي كان لها النصيب الأكبر من التكاليف، وخاصة أن ميزانيتها المالية تجاوزت الـ 400 ألف ليرة، طبعاً لأربع رشّات، هذا عدا أجور القطاف والنقل.
وباعتبار أن إنتاج الدونم يبلغ 400 كيلوغرام، نستنتج أن تكلفة إنتاج الكيلو الواحد من العنب 5600 ليرة، دون هامش ربح، فما بالكم دام فضلكم في هذا التطوير والدعم للقطاع الزراعي من الحكومة؟!
السؤال الذي يطرحه الشارع: هل وُجدت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لحماية المواطنين ومن بينهم الفلاح، أم للتاجر للانقضاض على المواطن بأسعاره الجنونية؟
ولماذا كل عام تتأخر صدور التسعيرة؟ هل هذا الإجراء يدخل في العميلة التنموية أم ماذا؟
وفهكم كفاية