أن تكون سوريّاً يعني أنّك شَقِيّ!

رنيم سفر:

أن تكون سوريّاً يعني أنّك عانيت ومازلت تعاني الكثير.. لا أتحدث عن الحرب وتداعياتها فحسب، إلا إنني أنظر إلى الموضوع من منظور آخر.. فالسماء ومن فيها والأرض ومن عليها اجتمعوا على إثبات أن السوريّ أينما وُجد لن يكون بأمان، كأنما كُتب عليه الشقاء ليكون نصيبه في الدنيا.

بدايةً مع أولئك الذين هربوا من الحرب، فطواهم البحر بين ذراعيه فكان ملاذاً لهم، وذنبهم الوحيد أنهم حلموا بالنجاة، أمّا أولئك الذين بقوا لعدة أسباب، فبعضهم  نزح نزوحاً داخلياً وبعضهم أبَى النزوح فأصيب برصاص الحرب اللعينة وشظاياها التي لا ترحم، ولن ننسى الفئة التي استطاعت النجاة  إلى أحضان  دول عدّة، فبعضهم كُرّموا بوصمة لاجئ ومهاجر، وبعضهم الآخر يقيمون حتى الآن  في المخيمات بوضع مأساوي، وحين انتهت الحرب وهدأت الأوضاع ورغم المحاولات السورية الكبيرة بإثبات جدارتهم في البلد التي احتضنتهم وقت الشدّة إلّا أنّ هذه الدول تطالب بعودتهم إلى وطنهم نظراً لتوقف الحرب، وصولاً إلى الضربة القاضية زلزال ٦ شباط ٢٠٢٣م  ولكن تلك مشيئة رب الأكوان وليست عبثاً من البشر، ولكن لِمَ تركت هذه الظاهرة الطبيعية العالم بأسره واتجهت نحو جنوبي تركيا وشمالي سورية؟  ألا تكفينا مصائبنا لتغرز الأرض  ٥٣ ألف و٥٣٧ شخص بينما أُصيب ١٠٧ آلاف و٢١٣ بجروح، أما الزلزال الثاني فكان منذ أيام قليلة وأصاب  محافظة حماة  بقوة ٥.٤ ريختر الأمر الذي أعاد ذكرى الأنقاض والضحايا  والصراخ في عقولنا بعد أن تجاوزناه بمعجزة وربما لم نتجاوزه بعد، فما زال الرعب والخوف مستقر بداخلنا مما أصابنا،  ولكن لا داعي للخوف، فما حدث في الزلزال الأول لن يتكرر، وفق ما أكده الخبراء لنا أن  الهزة طبيعية وليست كالزلزال السابق، وللعلم أوضح المختصون أن ما حدث من هزات لم يخرج عن دائرة التوقعات ولا شيء يدعو للقلق، لأن هذه الهزات طبيعية ومستمرة، وها هو ذا دكتور الجيولوجيا رامي عبيدي يقول: حدثت الهزات على صدع فرعي خامل وأعطت زلزالاً بقدر 5,4 درجة، وهذا يتطلب صرف قدر كبير جداً من الإجهاد التكتوني بعد أن وقع على صدوع التماس بين منخفض حماة ونهوض حلب وستقع عدة هزّات أخرى دون مستوى الخطر حالياً وستنتهي، علماً أن ريف حماة تجاوز مرحلة الخطر، والنشاط الزلزالي والبركاني القادمين سيتركزان في  منطقة البحر المتوسط.

يا لعجب ما أصابنا! نخرج من كارثة فتأتي الأخرى دون أن نأخذ راحة على الأقل، تتوالى المصائب والأزمات، وكأن العالم والطبيعة اجتمعوا على شعبٍ قلّت حيلته وفَقَدَ قدرته على التحمل أكثر، في النهاية أن تكون سوريّاً يعني أنك شقيّ!

دمتم ودمنا سالمين!

العدد 1120 - 21/8/2024