انتقال اقتصادي

د.عامر خربوطلي:

ربما يكون مصطلحاً جديداً ومبتكراً، وهو في جميع الأحوال يختلف عن الاقتصاد الانتقالي المعروف عالمياً عندما تحول الاقتصاد من اقتصاد مخطط مركزياً إلى اقتصاد السوق عبر مجموعة من التحولات الهيكلية لتتناسب مع التحرير الاقتصادي.

أما الانتقال الاقتصادي المقصود هنا، فهو يمثل مجموعة التحولات المطلوبة في السياسات والإجراءات والتشريعات، ومن ثم في البرامج والمشاريع التي تؤدي في النهاية إلى صعود نموذج اقتصادي جديد يعتمد معايير الكفاءة الاقتصادية والتحرير المتوازن للأسواق والأسعار لتتناسب مع متطلبات واحتياجات قطاع الأعمال بجميع تفرعاته.

ويمكن أن تتركز عملية الانتقال الاقتصادي على محاور عديدة منها:

1-ضمان الاستقرار الكلي عبر التحكم بالتضخم وتخفيض العجوزات في ميزان المدفوعات والتجاري وموازنة الدولة .

2-استخدام محركات السوق في ربط الأسعار المحلية بالعالمية وتحقيق أعلى درجات التنافسية.

3-إصلاح المؤسسات الاقتصادية والمالية الحكومية باتجاه المزيد من الكفاءة والعائد الأمثل.

4-خلق صيغ تشاركية جديدة للاستفادة من إمكانيات القطاعين العام والخاص بأعلى درجات الريعية.

5-استخدام السياستين المالية والنقدية في تحقيق التوازنات المطلوبة وخدمة السياسة الاقتصادية العليا.

ما يمر به الاقتصاد السوري اليوم من الواضح أنه (انتقال اقتصادي) لمساحة أكبر من السياسات والتدابير الآنية، وهذه السياسات الكلية سوف تعتمد على رؤية مستقبلية لإمكانيات الاقتصاد السوري وقدرته على توليد محركات ذاتية للنمو وتحقيق أعلى درجات الكفاءة والفاعلية.

الانتقال الاقتصادي من المفروض أن يحابي الطبقات الفقيرة والمتوسطة بالدرجة الأولى ويمنحهم القدرة على تحسين مستويات الدخل عبر الدعم المركز للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة.

الانتقال الاقتصادي سيدعم قيام الشركات المساهمة والتحالفات الاقتصادية لمراكز رؤوس الأموال لتمويل إنشاء مشاريع البنى التحتية الكبرى والمشاريع الصناعية والاستراتيجية ذات فترات الاسترداد غير القصيرة.

الانتقال الاقتصادي يعالج جميع التشوهات السعرية في آلية عمل الأسواق التجارية والمالية والنقدية لتحقيق عنصري الكفاءة والفاعلية القصوى.

الانتقال الاقتصادي يعني بناء نموذج اقتصادي جديد يحدد هوية الاقتصاد السوري بكونه اقتصاداً يعتمد المبادرة الخاصة والعدالة الاجتماعية في إطار الدور الداعم والحكم للدولة لجميع النشاطات الاقتصادية بغض النظر عن الملكيات وإعطاء المهمة لمن يستطيع إنجازها بأكبر قدر من الكفاءة والفاعلية.

في مرحلة الانتقال الاقتصادي لا مكان للاقتصاد الريعي غير الإنتاجي ولا مكان لسياسات غير كفوءة ولا مكان لتشريعات محبطة.

في مرحلة الانتقال الاقتصادي ينبغي تفعيل أدوات وسياسات دعم ريادة الأعمال والشركات الناشئة وتوطين الثقافة والاقتصاد الرقمي.

إنه خيار سورية المتجددة للعبور نحو اقتصاد سوري قوي ومعافى!

العدد 1132 - 13/11/2024