البروفيسور الأمريكي ‏جيفري ساكس (*): ليس هناك طريقة لإنقاذ ‎أوكرانيا إلّا بالتفاوض

إعداد: د. شابا أيوب:

إنه لأمرٌ مقلق للغاية لأننا سندخل الآن مرحلة جديدة من التصعيد العسكري بين روسيا والغرب، وسوف يجعلنا ذلك أقرب إلى صراع نووي.

فقد تلقينا مُقترحات من روسيا بشأن عدم توسيع ‎حلف شمال الأطلسي.

لقد كان هذا هو جوهر القضية، إضافة إلى المقترحات التالية:

لا تتركوا مُعاهدة مكافحة الصواريخ الباليستية.

لا تُسقِطوا الحكومات في منطقتنا.

ضرورة الالتزام باتفاقيات مينسك لمنح الحكم الذاتي لمنطقة دونباس أو شرق أوكرانيا.

إجراء ترتيبات أمنية جديدة مع الولايات المتحدة، لا تعتمد على توسيع الناتو.

لا تضعوا صواريخكم بالقرب من حدودنا.

وقد رفضت الولايات المتحدة كل هذه المقترحات، ولم تقبل حتى الجلوس للتفاوض معهم. وهذا أمر خطير للغاية.

وقال البروفيسور جيفري: الآن، عندما قَدّم بوتين هذا الاقتراح الأسبوع الماضي، أنَّ شروط إنهاء الحرب هي أن أوكرانيا يجب أن تترك المناطق الأربع التي تطالب بها روسيا، أي لوهانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوروجيا، وعدم تقديم أي مطالبات أخرى بشأن شبه جزيرة القرم والالتزام بالحياد.

وبعد ذلك يقول بوتين إن روسيا ستتوقف على الفور عن أي شيء، وسيتم التفاوض بشأن المزيد من العمليات العسكرية والتفاصيل.

والآن ربما لا توافق الولايات المتحدة أو أوكرانيا على أجزاء من ذلك. ولا ينبغي لهم أن يختلفوا مع الجزء المتعلق بحلف شمال الأطلسي والذي يصب في مصلحة الجميع.

ينبغي عدم توسيع الناتو، لأن وضع الناتو بجوار روسيا هو وصفة لحرب عالمية ثالثة.

لذا يجب أن نحافظ على مسافة بين الولايات المتحدة وروسيا.

إنهما قوتان نوويتان طموحتان وفخورتان.

إنهم لا يحتاجون إلى وضع جيوشهم في مواجهة بعضهم البعض. لذلك ينبغي أن يكون مقبولاً من قبل الجانبين. وينبغي لأوكرانيا أن تقبل ذلك، كما فعل زيلينسكي في آذار (مارس)  2022، ثم توقف عن القيام بذلك عندما قال له المسؤولون عنه في الولايات المتحدة، توَقّفْ عن الحديث عن الحياد.

إذاً هذه هي النقطة الأولى فيما يتعلق بمسائل الأراضي.

ويقول البروفسور: (في رأيي، يمكن لأوكرانيا أو الولايات المتحدة الرد على بوتين، حسناً، نحنُ لا نتفق معكَ بشأن كل هذه المناطق، وهنا مُقترحاتنا).

ولكن بدلا من ذلك تقول الولايات المتحدة:

أوه، هذا سوء نيّة!

هذا هو الفتح.

هذا هو الاستسلام من جانب واحد.

وهذا هراء.

وألا تُجيب عليه بقولهم لا، نحن لا نتفاوض معكَ.

وإنّما تجيب عليه بقولها له هل هذا يُسمونه تفاوض؟

ويبدو أن الولايات المتحدة استجابت لذلك من خلال التوسع العسكري الكبير الذي يقال إنه يجري الآن، فقد جلبت أسلحة من جميع أنحاء العالم، وأنظمة أسلحة جديدة.

نحن نعلم أنه يجري جرّ الأوكرانيين من الشارع جسدياً.

وأصبحت السجون فارغة في أوكرانيا، لإرسال السجناء إلى الخطوط الأمامية ليموتوا على الفور تقريباً.

في الوقت الحالي، لا يوجد شيء يُشير إلى الدعم من قبل الشعب الأوكراني، والبلد في هذه الفترة تحت الدكتاتورية والأحكام العرفية.

دعونا نكُن واضحين بشأن هذا:

انتهت ولاية زيلينسكي، ولم تكن هناك انتخابات جديدة، وما هو موجود الآن مجرد الأحكام العرفية. ماذا يريد الشعب الأوكراني؟ هل يريدون القتال حتى آخر أوكراني؟ هل يريدون السلام؟ هل يقبلون الحياد؟

أوه، الولايات المتحدة لا تريد أن تسمع عن أي من ذلك. قد يكون ذلك قول الحقيقة.

لكن هذا لا يتعلق بالحقيقة. هذا يتعلق بالسلطة وبالنصر.

وهذا هو ما نحن فيه.

إنه أمرٌ مقلق للغاية لأننا سندخل الآن مرحلة جديدة من التصعيد العسكري.

وسوف يجعلنا ذلك أقرب إلى صراع نووي.

ليس هناك طريقة لإنقاذ أوكرانيا، لأنه إذا نجح هؤلاء الحمقى في الغرب في فهم الأمر من خلال رؤوسهم، فإن روسيا لن تسمح لحلف شمال الأطلسي بالتوسع في أوكرانيا، وسوف يتصاعد الأمر، بما في ذلك الى الحرب النووية، إذا كان هذا هو ما يتطلبه الأمر.

ما يقوله الغربيون هو، أوه، لا، لا نعتقد ذلك. حسناً، توقفوا عن المقامرة بحياتي وحياتنا.

إن الأشخاص الذين يديرون الأمر في ‎واشنطن أو ‎لندن أو ‎بروكسل لم يثبتوا أنهم أذكياء للغاية، أليس كذلك؟

لذلك لا أريدهم أن يُقامروا بمصير العالم.

أريدهم أن يَتفاوضوا.

 

(*) جيفري ساكس هو اقتصادي، وأستاذ جامعي أمريكي، ولدَ في ديترويت، وهو عضوٌ في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، والأكاديمية الوطنية للطب.

العدد 1120 - 21/8/2024