لماذا الآن؟

كتب رئيس التحرير:

الجميع يعلم أن ملفّ الدعم الحكومي، وكيفية إيصاله إلى مستحقّيه، كان الملفّ الشائك والمعقّد في أجندة جميع الحكومات المتعاقبة منذ عقود، ورغم التجارب التي طُبّقت في هذه الحقبة أو تلك، بقي هذا الملفّ رهناً لمرجعيات اقتصادية بحتة تارةً، ولضرورات اجتماعية تارةً أخرى، ولم تجد هذه الحكومات وسيلة ناجعة لتطبيق مبدأ الدعم، إمّا لعدم قناعتها بضروراته، أو بسبب عدم شفافيتها في حساب تكلفة دعم المواد والسلع الأساسية التي تتولّى دعمها.

بعد عام 2011، ومع التداعيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأزمة ومحاولة الغزو الإرهابي، وخاصةً الحصار الاقتصادي والعقوبات الجائرة التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على سورية، تحوّل ملفّ الدعم الحكومي، بعد افتقار 85% من السوريين، إلى ملف (إنقاذ)، وأصبح، إضافة إلى ملفّات اجتماعية وإنسانية أخرى، حجر الزاوية في استمرار صمود الشعب السوري في مواجهة الاحتلال الصهيوني والأمريكي والتركي، رغم السلبيات الكبرى التي رافقت تطبيقاته، من فسادٍ وهدرٍ وسوء إدارة، وشكّل النفقة الأكبر في جميع الموازنات الحكومية.

لن نناقش هنا هذا الأسلوب أو ذاك في تطبيقات ملف الدعم الحكومي، خاصة بعد أن قررت الحكومة الانتقال إلى أسلوب الدعم النقدي، فهذا الأمر متروك، الآن، لقيادة حزبنا الشيوعي السوري الموحد، التي تعدّ الآن دراسة تفصيلية حول قرار الحكومة الأخير هذا، وسنكتفي بالإشارة أن مبدأ الدعم هو ركن أساسي في العقد الاجتماعي، منذ عشرات السنين.

إن القرارات الكبرى والمفصلية لإدارة ملف مصيريّ بهذا الحجم، بانعكاساته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، لا تُتخذ في الوقت الضائع.. فهذه الحكومة ستقدم استقالتها حتماً، بعد انتخاب مجلس الشعب الجديد، وليس لها أن تمرّر قراراً بهذا الحجم دون أن تطرحه على ممثلي الشعب، في مرحلة يراد لها أن تكون بداية عملية الإصلاح!

تمهّلوا، أيّها السادة.. فملفّ الدعم الحكومي لا يحقّق أهدافه بقرارات متسرّعة، ولا يجوز أن تُمرَّر دون أن يشارك في نقاشها وإقرارها ممثلو الشعب.

 

 

العدد 1132 - 13/11/2024