دروس للنهوض
فؤاد اللحام:
بات من المعروف أن عملية النهوض بالصناعة الوطنية ينبغي أن تكون جزءاً مكملاً ومتكاملاً مع خطة النهوض بالاقتصاد الوطني. وأن المطلوب بالنسبة للصناعة خصوصاً والاقتصاد عموماً ليس العودة إلى الأوضاع التي سبقت الأزمة، بل تحويل هذه الأزمة إلى فرصة حقيقية لتحقيق التنمية الشاملة والنهوض الاقتصادي.
عملية تحويل الأزمة الحالية الى فرصة للنهوض تتطلب مجموعة متكاملة من الإجراءات في مقدمتها إجراء مراجعة وتقييم لوضع الصناعة قبل نشوب الأزمة وخلالها، ونتائج الأزمة ومنعكساتها حتى الآن واستخلاص الدروس السلبية والايجابية منها، في إطار تجاوز السلبيات وتعظيم الإيجابيات، وبناء على نتائج عملية التقييم، يجري وضع رؤية مستقبلية للصناعة تستند بشكل أساسي على وضع الصناعة الراهن إقليمياً ودولياً واتجاهات تطوره مستقبلاً والدور الممكن والمستهدف الذي يمكن أن تلعبه الصناعة السورية في هذه العملية، سواء على المدى القريب أو المتوسط والبعيد وبشكل خاص فيما يتعلق بالصناعات المستقبلية.
ومن المفيد في إطار هذا التوجه الإشارة إلى أهم الدروس المستفادة من الأوضاع التي مرت بها الصناعة السورية سواء في مرحلة ما قبل الأزمة وخلالها، والتي كان لها الأثر السلبي الأكبر على وضع الصناعة السورية بشكل خاص والاقتصاد السوري بشكل عام، ويمكن إيجاز أهمها بما يلي:
1_ الانفتاح الاقتصادي والتجاري المتسرع ، وتغليب الجانب السياسي على الجانب الاقتصادي في الوقت الذي من المفترض والمطلوب هو عكس ذلك ، أي تغليب الجانب الاقتصادي على الجانب السياسي بما يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني، أو على الأقل تحقيق التوازن والتعادل بينهما.
2_ إصدار قرارات وتشريعات دون تدقيق وتقييم لآثارها ونتائجها، والتأكد من توفير الظروف المناسبة لتحقيق الغاية المرجوة منها، الأمر الذي جعل مصير بعضها الحفظ في الدروج أو التفريغ والانحراف عن غايتها من خلال التنفيذ، أو إصدارها بشكل (مسبق الصنع) لصالح أفراد معروفين.
3_ نقل تجارب دول أخرى دون التمعن بمدى ملاءمتها للواقع السوري والتأكد من توفر الظروف المناسبة لتطبيقها ونجاحها، وبشكل خاص ما يتعلق بأولويات القطاعات والأنشطة الاقتصادية.
4 _ تأجيل وتسويف معالجة العديد من المشاكل والصعوبات والتهرب من مواجهة ما ينجم عنها.
5 _ إسناد المسؤوليات في مفاصل هامة وحساسة لاعتبارات غير موضوعية ولا تخدم الصالح العام، واعتماد مبدأ (الإدارة بالتجريب) أو (التعلم بالإدارة) في العديد من الحالات.
6 _ عدم اتخاذ اجراءات حاسمة وحازمة في مكافحة الفساد الكبير ومواجهة التحالف وحماية المصالح القائم بين بعض مراكز القوى ورجال الأعمال.
7_ تحجيم دور المؤسسات الداعمة الموجودة وإفراغها من محتواها والمماطلة في إصلاحها وإحداث المؤسسات الداعمة الضرورية المطلوب كمراكز التحديث الصناعي والمراكز الفنية …الخ.
مما لا شك فيه أن قائمة الدروس أكبر وأوسع مما ورد أعلاه، لكن ما جعلنا نركز على ما أوردناه هو ما نراه في الوقت الراهن من استمرار للممارسات المذكورة بهذا الشكل أو بآخر، وهو ما يثير لدى الجميع مخاوف مشروعة من عدم الاستفادة من دروس الماضي والحاضر وتوفير البيئة المناسبة لاستمرار هذه الممارسات – إن لم نقل تفاقمها بسبب ظروف الأزمة ونتائجها – وهو ما يستوجب من الجهات المعنية تجنبه وتداركه قبل فوات الأوان.