واشنطن.. من العسكرة والاقتصاد.. إلى تشويه الثقافات

رزوق الغاوي:

ثمة نهجُ أمريكي ــ صهيوني شيطاني شرير حاقد يحمل في ثناياه استراتيجية بعيدة المدى، تنهجه في عصرنا الراهن الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية، نهج مرده استهداف الفكر الانساني والمبادئ الأخلاقية الإنسانية النظيفة عبر سيناريو قديم ــ جدُيد اٌسمِيَ الجندر الذي يحمل فكراً هداماً شكل في مضامينه وباءً سرطانياً جنسياً شاذاً غير مألوف في جسم العائلة الأساس العقلاني الطبيعي الموضوعي للمجتمع السليم.

لقد قام الغرب الإمبريالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بتصنيع هذا السيناريو بكلفة بلغت باعتراف الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب خمسة تريليونات دولار أمريكي، ومن ثم بترويجه وتسويقه عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في مختلف أرجاء المعمورة، وصولاً إلى نشر الفوضى والجهل والعبثية واللامسؤولية الوطنية وعدم الاستقرار الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والامني في العديد من بلدان العالم تمهيداً لسيطرة الطغيان الرأسمالي المتوحش عليها وعلى شعوبها.

وبغية التغطية على الأهداف البعيدة لهذا السيناريو، تم طرحه بمفاهيم اجتماعية فسرها بعض علماء الاجتماع بأنها تتناول خصائص الرجال والنساء كصفات اجتماعية مركبة لا علاقة لها بالاختلاف العضوي بين الرجل والمرأة، فيما فسرها بعض آخر بأنها مفهوم ثقافي يتعلق بالأدوار والمسؤوليات المنوطة بالنساء والرجال على اعتبارات اجتماعية، في حين رأى بعض ثالث أن الشخص وفق المفهوم الجندري يتغير ويتأثر بالمؤثرات المختلفة المحيطة بحيث يمكن للإنسان من خلاله أن يتحول من جنس الى جنس مختلف، ويفسح في المجال للمثلية التي باتت مشرعة ومقوننة في العديد من البلدان الغربية.

وعلى الرغم من الاختلاف حول المفاهيم الهدامة لهذا السيناريو، إلا أنها تؤدي بمجملها بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى نتائج كارثية على الأسرة والمجتمع، إذ يذهب مروجوه باتجاه إلغاء مفهوم الأسرة الطبيعي في المجتمع وجعلها مكونة من الأب فقط أو من الأم فقط، ما يعني إبعاد الأطفال عن آبائهم أو عن امهاتهم، وبالتالي تفكك الأسرة وصولاً إلى تفكك المجتمع، الأمر الذي يؤدي إلى تفتيت الوطن وشرذمته وانحلاله، وجعله خارج الجاذبية الاجتماعية الطبيعية، وبالتالي فريسةً للرأسمالية المتوحشة والامبريالية المعاصرة.

بموجب هذه المفاهيم ” الجندرية ” الرامية إلى غسل الأدمغة تماماً، يغدو أفراد المجتمع الواحد دون أدنى درجات العقلانية يجمعون صفة الأنوثة والرجولة في آن معاً مثل ” المخنسين أو المخنسات ” أصحاب السلوك الملتبس غير طبيعي الغارقون في وحول ومستنقعات العبثية وتعاطي المخدرات والشرود والضياع وانعدام القدرة على المحاكمة العقلانية وعدم التمييز بين ماهو طبيعي وماهو غير طبيعي.

لقد بات التوأم الامبريالي الصهيوني يعيش في عصرنا الراهن حالة من الارتباك، جراء دخوله في مرحلة افتقاده أحاديته في التعاطي مع القضايا الدولية وخاصة بعد الاصطفاف الدولي النوعي وراء الثنائي ” الروسي ــ الصيني “، واهتزاز ثقة الحلفاء الأوروبيين الأطلسيين بالولايات المتحدة الأمريكية، بسبب معاناتهم من الغطرسة الأمريكية التي تتعامل معهم بالدونية والتبعية والاستسلام لإرادة البنتاغون والمخابرات المركزية واللوبي الصهيوني والكونغرس.

على ضوء ماتقدم، لم يبق أمام ذلك التوأم سوى الذهاب باتجاه محاربة مناهضي سياساته العامة من خلال نشر المفاهيم الجندرية التي تستهدف انسانية شعوب العالم والمجتمعات الدولية عموماً، وإشاعة الفوضى في أرجائها، واحلال الثقافة المبتذلة لدى أجيال الشباب والاستمرار في افتعال المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، والاستمرار في القضاء على الانظمة الديموقراطية المناهضة لسياساتها العامة وممارسة أبشع أساليب الضغط الاقتصادي والعسكري على شعوبها.

انها الولايات المتحدة لأمريكية نفسها، التي لن تتغير إلا بانتفاض الشعب الأمريكي ضد النظام الامبريالي الحالي واستبداله بنظام ديموقراطي حقيقي، يحقق العدالة الاجتماعية لهذا الشعب، ويضع حداً نهائياً لسياسة التدخل السافر واللامشروع في شؤون بلدان العالم للنيل من سيادتها وحرية ومستقبل شعوبها.

السبت 4/11/2023

العدد 1104 - 24/4/2024