تخوّفات بداية العام

محمود هلال:

حل العام الجديد وشارف الشهر الأول منه على الانتهاء، وبدأت أيام السنة تتناقص وبدأ العد التنازلي، لكن المواطنين يتخوفون من نهايته لأنه حمل لهم منذ البداية موجة من الغلاء إذ ارتفعت أسعار الكثير من المواد الأساسية والاستهلاكية، وكذلك حوامل الطاقة كالكهرباء والمحروقات والاتصالات، الأمر الذي انعكس زيادات في قطاعات أخرى كالمواصلات وأجور النقل وغيرها.

عشر سنوات مضت عاشها الناس بالخوف من الحرب والموت والدمار والفقر والجوع والغدر والغش والابتزاز، ومازال الخوف يرافقهم منذ الساعات الأولى للعام الجديد ومما يشاع من سيناريوهات حول إلغاء الدعم الحكومي عن المواد الأساسية للمواطنين، والتوجه نحو تحرير الأسعار وخصخصة بعض شركات القطاع العام وطرحها للبيع أو للاستثمار، الأمر الذي سيزيد فقراء الوطن فقراً وسيزيدهم خوفاً أكثر من المستقبل وقادم الأيام.

لا شك أن الخوف هو حالة طبيعية ونفسية عند جميع الكائنات الحية وموجودة عند الإنسان منذ ولادته، وللخوف أنواع وحالات متعددة، إذ يخاف الأطفال من الظلام والأشباح واللصوص والحيوانات المفترسة، ومن كثير من الأمور، والكبار أيضاً يخافون، وخوفهم يكون أكثر من خوف الصغار بكثير.

أصحاب الرواتب الدخل المحدود يخافون في بداية الشهر من الدائنين، وكيف سيوزعون الراتب على الأكل والشرب والكساء والدواء وفواتير الماء والكهرباء والصرفيات والنثريات التي لا يعلمون من أين تأتيهم، ويخافون أن لا يجدوا مديناً لهم في آخر الشهر، وهاجس الخوف يلازمهم من تدني مستوى المعيشة أكثر نتيجة الغلاء وارتفاع الأسعار الجنوني، الأمر الذي يشكل حالة خوف ورجفان في القلب عندهم طيلة أشهر السنة.

يخاف الناس من حلول فصل الشتاء وهو حال الكثيرين اليوم، إذ يخافون من البرد والصقيع والثلوج، ويخافون من انقطاع المحروقات من مازوت وغاز، ومن غلاء أسعارها، ومن طرق تأمينها، إذ أصبح تأمين بيدون مازوت أو أسطوانة غاز أمراً ليس سهلا ومازال تجار السوق السوداء يتحكمون بالأسعار، وذلك حسب برودة المنخفضات الجوية، ويجري رفع السعر وخفضه وفق نشرة الأرصاد الجوية، فقد وصل في بعض المناطق سعر ليتر المازوت إلى 4000 ليرة سورية هذا الشتاء.

الناس يخافون المرض، وباتوا يخشون زيارة الأطباء، إذ إن مراجعة الطبيب تخرب البيت، فمعظم الأطباء أصبحت كشفياتهم مرتفعة، وكذلك وصفات الدواء التي تكسر الظهر، وعادة في الشتاء المرض يكون جماعياً وتمرض الأسرة دفعة واحدة!

بقي نوع آخر من الخوف، وهو الخوف من المجهول، وهو حالة الشريحة العظمى من الناس هذه الأيام، ويا خوف فؤادي أن نبقى طيلة أيام السنة قلقين حائرين خائفين، فهل سيكون هناك حلول وانفراجات على كل الصعد والمستويات تبدد قلقنا وخوفنا؟

 

 

العدد 1102 - 03/4/2024