ماذا بعد قتل آيات الرفاعي؟!

ريم سويقات:

يبدو أن بعض الأفراد في المجتمع لم تعجبهم القوانين المدنية ووجدوا في شريعة الغاب ما يناسب مستواهم العقلي، فأخذتهم الوحشية ليرتكبوا جريمة قتل سببها تخلفهم وفقدان إنسانيتهم، لتكون الضحايا نساء كثيرات يتعرضن للعنف المنزلي، آخرهن كانت (آيات الرفاعي) بعد أن أقدم زوجها ووالداه على ضربها ضرباً مبرحاً، ففارقت الحياة وهي في ريعان الشباب.

في ليلة رأس السنة بينما كان الجميع يحتفلون بقدوم العام الجديد، ودّعت آيات الرفاعي العام قبل أن يبدأ، فقد ضربها والد زوجها بعصاة خشبية مدببة بالمسامير لأسباب تافهة: لم تقل له أين إبريق الماء الساخن ومفك البراغي! بحجة أنها كاذبة وتحتاج إلى تأديب. لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، فبعد قليل أقدم زوجها على ضرب رأسها في الحائط عدة مرات، فأغمي عليها بسبب خلاف عائلي، وبقيت هكذا نحو ساعتين وعند إسعافها إلى المستشفى تبيّن أنها توفيت منذ ما يقارب الساعتين.

من المؤسف ما تتعرض له النساء من العنف في مجتمعنا، وبعد أن أصبحت المرأة شريكة الرجل بمختلف نواحي الحياة في كثير من بلدان العالم، ورغم أنها نصف المجتمع وأساس بنائه، ما زالت المرأة تعاني في أغلب المجتمعات العربية من العنف بكل أشكاله؛ والمشكلة أن الأمر لا يقتصر على من يقوم بتعنيفها فقط، بل يوجد ما هو أشد خطورة وإثارة للحزن من ذلك ألا وهو عدم وجود قوانين تحمي النساء من العنف الأسري، وهذا ما يدعم استمرار العنف المُمارس على النساء، في ظل عدم تطبيق عقوبات تناسب نوع العنف الممارس على الضحية.

وبعد جريمة قتل الشابة آيات الرفاعي، عدنا إلى القانون السوري لمعرفة العقوبة التي يستحقها الجاني، فكانت المفاجأة في المادة رقم 536 من قانون العقوبات: (من سبّب موت إنسان من غير قصد القتل بالضرب أو بالعنف أو بالشدة أو بأي عمل آخر مقصود، عُوقب بالأشغال الشاقة خمس سنوات على الأقل).

إذا كان ما ينصّ عليه القانون من عقوبة سوف يطبق على الجاني فذلك غير عادل إطلاقاً، لأنه في قضية مقتل آيات الرفاعي التفاف على العمد في القتل، فهي تُعذب منذ فترة طويلة وبطرقٍ أقل ما يُقال عنها وحشية. إن ذلك غير منصف ليس بحق آيات فقط بل بحق الإنسانية، وما يستحقه الجاني هو الإعدام.

وكأن مجتمعنا لا يكفيه ما يعانيه من فقر وبطالة وعوز مادي بسبب تداعيات الأزمة والغزو الارهابي، وسوء التخطيط الحكومي لمعالجة تلك المشكلات، مما ينجم عنه لجوء بعض الأهالي إلى تزويج بناتهن بعمر صغير ليوفروا تكاليف قوتهن غير مدركين خطورة تصرفهم، ظناً أنها ستعيش في ظروف أفضل، ولكنها في الغالب تنتقل إلى تلقّي نوع آخر من العنف في منزل زوجها (فزواج القاصرات هو نوع من العنف وأن تتعرض من قبل زوجها للضرب والشتائم إذا أخطأت هو نوع من العنف أيضاً).

ثم نعود للقانون فلا تجد قانوناً خاصاً بحماية المرأة والدفاع عنها، (هذا في حال تجرأت إحدى النساء بتقديم شكوى)، فتجد أشباه قوانين وأشباه حلول وأشباه عقوبات.. ولا يسعك هنا سوى الاستعانة بقانون العقوبات في إطار الجريمة العامة وليس في إطار قانون خاص بالعنف الأسري.

إلى متى ستبقى الشرائع والقوانين تضطهد المرأة؟

نطالب بسن قانون خاص بحماية النساء من العنف الأسري بكل أشكاله، والتعريف به وبأنواعه، حتى يتضح للجميع أنواع العنف ويؤخذ الحذر من العقوبات من أي نوع من العنف الذي قد يمارس مستقبلاً، وإنزال أشدّ العقوبات بالمعنفين وتشجيع النساء على الإبلاغ عما يتعرضن له من عنف، وضمان الحماية عند ذلك.

دام عزّكم، أيها السادة، ما رأيكم؟!

العدد 1102 - 03/4/2024