على أعتاب العام الجديد!
محمود هلال:
يودع السوريون سنة أخرى من السنين العجاف وهم مثقلون بالعذاب وبالهموم الحياتية والمعاشية، فقد حملت هذه السنة لهم الكثير من الآلام والمصاعب ومن تبعات الحرب والحصار، وكثيراً من البؤس والشقاء والفقر والجوع والبرد والمرض. وفي غمرة احتفالاتهم بأعياد الميلاد ورأس السنة ينتظرون بابا نويل ويحدوهم الأمل أن يحمل لهم الهدايا والبسمة وعاماً أفضل من سابقيه، ويستعدون لملاقاة عامهم الجديد وهم يقفون على أطلال سنوات من الزمن الجميل التي عاشوها سابقاً، إذ كانت أيام فرح ومسرة وسلام، وربما ذلك نتيجة إفلاس الزمن الحاضر الذي يعيشونه اليوم. أسئلة كثيرة تطرح الآن: أين كنا؟ وأين صرنا؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟ وماذا ينتظرنا في قادم الأيام؟
تتوالى الأيام ويمضي الزمن مسرعاً، أيام قليلة ونودع عاماً آخر من الأعوام القاسية والصعبة التي مرّت علينا خلال سنوات الجمر الماضية، ونستقبل عاماً جديداً وكلنا أمل أن يكون أفضل وأجمل من سابقيه.
غريب أمر هذا الزمان، يمضي مسرعاً أسرع من ذلك الزمان الماضي بكثير، وكأن الوقت يضيق أكثر فأكثر، فيمضي العام دون أن نستطيع أن نحقق فيه شيئاً من أحلامنا، فنؤجلها مرغمين إلى العام الذي يليه، وهكذا ننقلها من عام إلى آخر فتتضاءل وتنكسر!
إلى متى ستبقى أحلامنا مؤجلة؟
ما هو مُلاحظ أننا نعيش في زمن يحمل الكثير من القلق والخوف والتوجس من المستقبل، فهل سبب ذلك السرعة الزائدة التي نعيشها في هذا العصر، إذ أصبحنا غير قادرين على مواكبته واللحاق به؟ أم بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية عندنا وفيما حولنا وما نعيشه من مآسي الفقر والجوع والعنف، أم بسبب ما نسمعه ونشاهده عبر وسائل الإعلام كل يوم وكل ساعة يصدمنا ويزيد من إحباطنا ويقلل من نفحات التفاؤل في نفوسنا؟!
يقال إن آباءنا وأجدادنا كانوا يعيشون أفضل منا، وأنا أستغرب كيف كان هؤلاء يعيشون أفضل، إذا كان كثير من أساسيات الحياة الضرورية ووسائل الرفاهية معدومة في زمانهم، إذ كانوا لا يعرفون آنذاك الكهرباء ولا الاتصالات ولا التكنولوجيا ووسائل النقل شبه معدومة، وحتى النقود كانت قليلة؟ أعود وأكرر السؤال: لماذا يكون ذلك الزمان أفضل؟ هل لأن الناس في الماضي كانوا يتدبرون أمورهم الحياتية والمعيشية ببساطة أكثر منا، أم كانوا يعيشون على مبدأ (الحياة حلوة بس نفهمها)، ونحن الآن لا نستطيع فهم هذه الحياة، حتى بتنا نتحايل عليها؟ أم كان هناك تسامح أكثر ومحبة أكبر بين هؤلاء البشر؟! أم الطيبة والأخلاق الحميدة كانت موجودة عند الجميع! أم الجميع كانوا يعدون أنفسهم أسرة واحدة يساعد فيها الغني الفقير، فكانت أحوالهم بألف خير وعاشوا بأمان واطمئنان وراحة بال أكثر!؟
ونحن على أعتاب العام الجديد ما أتمناه هو أن يكون أفضل من سلفه، وألا يكون أسوأ منه على أقل تقدير، ويبقى الأمل والتفاؤل هو سلاحنا من جديد، وأن نعمل على تحقيق أحلامنا بالعمل لا بالتمني فقط، وألا يدخل اليأس إلى قلوبنا، وأن نشرع الأبواب للعام الجديد ونلاقيه بعزيمة أكبر ونقول للسنة الحالية: ارحلي عنا مع كل أوجاعك وأحزانك إلى غير رجعة!