الاقتصاد من البناء المتكامل نحو الاحتكاري الريعي القاتل!
الدكتور سنان علي ديب:
النهج الاقتصادي لأي بلد يعدّ الجسر التنموي والمحقّق لقوة بناه وصلابتها، وقد شهد منتصف القرن الماضي تحولات اقتصادية تلت الخيارات الفكرية، هذه التحولات التي صنعت قفزات اقتصادية وحققت مؤشرات اقتصادية واجتماعية انعكست على الإنسان وحقوقه وعلى العدالة الاجتماعية والإنسانية، وصنعت مقومات مقاومة ومواجهة للمشاريع الغربية القائمة دوماً على النهب والسلب وعرقلة نمو البلدان وتنميتها، لتبقى مرتهنة مستلبة وتابعة وليبقى التقسيم العالمي بين دول المركز والأطراف في تعاون وتناغم وتوافقات، وفي ظل الانقسام والتشاطر بين الدول اضطرت هذه الركائز لتحابي وتماهي الدول ذات التوجه المتكامل الاشتراكي أو الشيوعي وتنوع اقتصاداتها لاحتواء المتغيرات وتؤسس لقادم سيكون الاقتصاد أداة للحروب والتركيع الإنساني والبشري، بعدما كانت الحروب لغايات اقتصادية، وصارت الرؤية المتلبرلة هي نصب أعين القيادة العالمية في تسلسل غايوي تقوده وتحكمه المصالح الرأسمالية والرأسمال المركز المتمركز بأيدي قلة تحكم وتتحكم بالعالم وأصبحت الغاية تدمير البلدان عبر تدمير البنى الاقتصادية والاجتماعية وبث الفوضى بكل قطاعات الاقتصاد، وبتناغم بين أدوات محلية والفكر للقيادة العالمية، وبالتالي الفوضى تولد الفوضى لتحقيق انتصارات فكرية للمنظومة العالمية، التي تقول من الفوضى ينبثق النظام، والمقاومة والممانعة متعددة الوجوه تتلاشى وتتشظى في ظل القتل الاقتصادي، وتعم الامراض الاجتماعية وتعود البلدان لمراحل جاهلية وتكون الانعكاسات الإنسانية هي الأخطر في بث اليأس وقتل الأمل، بعدما وصلت الحاجات إلى أعلى مراحلها عبر بث غرائزي رفع حجم الاستهلاك ونوعيته، وبالتالي فرض هذه التحولات أقوى من كل أنواع الحروب وأقسى الأسلحة كيف لا وهي قتل مادي ومعنوي للإنسان أس التنمية وغايتها. ولم يكن فرض الأسلوب مباشراً وإنما عبر مراحل بتضليل إعلامي فكري وترغيبي لنا يسمى الليبرالية والليبرالية المتجددة الباثقة للإبداع الإنساني عبر أفق الحرية والتحرر، والتي غايتها المنافسة وتحرير القيود والحدود، وعبر وصفات جاهزة وخطوط رئيسية بقتل كوابح أي قرار وتقويض المنظمات والأحزاب، وبالتالي تمرير القرارات فتتحول الليبرالية التي بدأت بقتل القطاعات العامة، ومن ثم تصعيب أي عملية للإنتاج الزراعي عبر رفع الأسعار ومنع أي دعم وعبر فرض احتكار مواد الإنتاج وغير ذلك، وتحولت الطاقات الإنتاجية إما لمحتكرين او لقتل مبرمج يستعاض عنه استيراداً. ومع بث الفوضى مؤكد القطاعات الجالبة للعملات الصعبة في تلاشٍ يتبع بقتل أي نظام وبث الفوضى والسوق السوداء لخنق البلدان بالتتالي، فيتحول الاقتصاد المتكامل البناء إلى اقتصاد ريعي احتكاري قاتل لأي أمل وفرص بالبناء والعدالة وقوة البلدان وفق مسار واضح مخطط ووفق غايات وطموحات واضحة وما ورائية، وتتحول الصلابة للبنى إلى هشاشة ضبابية بحاجة لعلاجات فورية تعاكس التيار وتواجهه فتتجاوز الأدوات ما يريده الأسياد وتصل الشعوب إلى نتيجة أن الهجوم على المؤسسات والمنظمات والأحزاب مقصود ويحقق غايات الغير ويجعل الجميع مرتهناً لما يريد.
في ظل الفوضى العالمية وقتل الهويات وبث الانحلال وتسييل القوانين لغيرهم من البلدان، وبالتالي النهج الاقتصادي الواضح
المتنوع الذي تقوده وتسيطر عليه الحكومات هو بوصلة الأمل وجسر الوصول.
إن السير باتجاه الريعية والاحتكار كان عكس الواقع وعكس المصالح الشعبية والوطنية، وإن لم يتغير الطريق فسيزيد الاستعباد والاستلاب العالمي للدول المراد تدميرها وتحطيمها.
وسيبقى الواقع يقول الليبرالية والنيو ليبرالية أكبر كذبة أطلقها وعمّمها وعولمها الغرب ليقتل بعضه ببعضه وليصل البعض إلى القيادة العالمية وليبث الفوضى المتنوعة القاتلة لأي فضيلة أو فضائل يحمي بلاده بالقانون ويعولم الفساد القاتل للقوانين.
عندما يصبح الاقتصاد أداة للحرب، فالمؤكد أن العلاج لن يكون صحيحاً ومناسباً إن لم يكن اقتصادياً مناسباً.
التنوع حياة وتجدد وأمل.