اللباقة الاجتماعية سدّ منيع ضد الألفاظ النابية

ريم داود:

اعتاد البعض استخدام الألفاظ النابية بصورة متكررة في مواقع مختلفة وأماكن مُتعدّدة حتى أصبحت لديهم سلوكاً متجذراً، ومن حيث يدري أو لا يدري هؤلاء الأشخاص باتوا يستخدمون هذه الألفاظ ويتلفّظون بهذه الكلمات بين الصغار والكبار في المنزل والعمل والشارع دون شعور بالمسؤولية أو حتى اللوم تجاه الأشخاص الذين يسمعونهم.

وفي التعريف العام لكلمة (الألفاظ النابية) نجد أنها تعني اللغة السيئة وتشمل السبّ والشتم والإهانة، ونظراً لأهمية هذه المشكلة نجد علماء النفس يولونها من الأهمية ما يكفي بوصفها مشكلة سلوكية أو سلوكاً سلبياً غير مرغوب به.

رأي علم النفس: لاحظ عالم النفس اللغوي ستيفن بينكر في كتابه (أدوات الفكر) أن الناس يستخدمون الكلمات النابية وفقا لخمسة طرق مختلفة وهي

-الطريقة الوصفية: حيث تحلُّ فيها الكلمات النابية مكان فعل أو اسم أو صفة ما.

-الطريقة الاصطلاحية: وتُستخدم فيها الكلمات النابية في بيئة أو مكان غير رسمي.

-الطريقة التعسفية: وفيها تُستخدم الكلمة النابية تجاه شخص معيّن.

-الطريقة التوكيدية: وفيها تُستخدم اللغة السيئة لتأكيد فكرة ما.

-الطريقة النفسية: وتُستخدم فيها الشتائم لتخفيف ألم نفسي أو جسدي (مثال عندما ترتطم القدم بحافة الطاولة).

في حين نجد عالم النفس السويدي نيلس إيك مؤسّس منصّة ريمنتي للصحة العقلية والتطوير الذاتي يربط الكلمات النابية بالجزء الأقدم من الدماغ الانساني، وحسب هذا العالم فإن الإنسان الذي يعاني من أضرار في دماغه كالسكتة الدماغية مثلاً يستطيع التلفّظ بكلمات نابية بكل طلاقة مقارنة بغيره ممّن لا يُعانون، وأن الأشخاص الذين يُعانون من متلازمات عصبية لا إرادية كمتلازمة (توريت) التي تتميّز بتشنجات لا إرادية تترافق بشتائم وكلمات هابطة.

في حين أظهرت دراسة بريطانية أُجريت عام ٢٠٠٩ على مجموعة من المتطوعين أن استخدام الكلمات النابية يُخفّف من الألم، فقد أُجريت تجربة على المشاركين بعد قسمهم لمجموعتين سُمح لمجموعة منها باستخدام الشتائم، بينما مُنعت المجموعة الأخرى من ذلك، وبعد ذلك طُلِبَ من المجموعتين وضع أيديهم بالماء المُثلج لأطول فترة ممكنة تبيّن من خلالها أن المجموعة التي استخدمت الشتم تحمّلت الماء المُثلج لفترة أطول.

والسؤال هنا، لماذا يستخدم الناس الشتائم؟

عادة ما يبدأ إطلاق الشتائم مع المراهقين كضرب من الموضة أو إثبات الوجود، أو أنهم يحاولون أن يظهروا أنهم أشخاص بالغون، ويجد المراهق في تلك الألفاظ تماشياً مع روح العصر ومجاراة للطابع العام بين زملائه وإحساساً بالرجولة. ونجدها عند البعض الآخر من البالغين مُتجذّرة في سلوكهم لدرجة أصبح من الصعب السيطرة عليها والتخلّص منها. لكن اللافت في الأمر والمُثير للريبة هو أن بعض الآباء يتعمّدون استخدام هذه الكلمات وتلقينها لأطفالهم من الصبيان كنوع من الضحك والفكاهة، غير مُدركين لخطورة الأمر ووقعه على نفس الطفل عندما يكبر ويصبح غير مرغوب أو مقبول بسبب تلك الكلمات.

أما عن كيفية الحدّ من هذا السلوك، فمن الممكن أن يحاول المرء في حال رغب التخلّص من تلك العادة السيئة التفكير لمدة ١٠ ثوان قبل التلفّظ بتلك الكلمات، وأن يُفكّر المرء بمشاعره في حال وُجِّهَت له مثل تلك الألفاظ المسيئة، وهل سيكون راضياً عنها؟ خلاصة القول هي أن احترام الآخرين واجب مفروض علينا ومن غير المقبول أو المسموح به تجاوز الخطوط المرسومة.

العدد 1102 - 03/4/2024