الدروس الخصوصية.. غيرةٌ ثمنها مرتفع!

ريم سويقات:

نتيجة (غيرة) غير مسبوقة شعر بها بعض المعلمين والمدرسين هذا العام من مختلف القطاعات التي اتجهت إلى الخصخصة، اتجه هؤلاء وخاصة في مراكز المدن، إلى إعطاء دروس خصوصية للطالب في المرحلة الإعدادية والثانوية بأسعار تكبح جماح الغيرة، ولك أن تتصور كم هي مرتفعة، وكيف لا تكون ذلك ورواتب سلك التعليم في بلدنا متدنية للغاية، زد على ذلك الوضع المعيشي المتردي الذي طال تلك الفئة؟

إن عدد المعاهد الخاصة التي توجد في مراكز المحافظات، إن لم يزد عدد المدارس، فهي توازيها بلا شك، هذا عدا إعطاء دروس خصوصية في منازل المدرسين، إذا كان للبعض منهم شهرة في المنطقة بحكم تعليمه الجيد.

أول (غيور) كان يسكن في منطقة شارع الوكالات في محافظة طرطوس، وقد علمنا من أحد الطلبة أن المعلم تغلب على غيرته إيماناً منه أنه لا يوجد من هو أحسن منه، بعد أن أخذ من عائلة الطالب 5 ملايين ل. س على مدار العام الماضي، فكم ستكون التكلفة هذا العام؟! وذلك لإعطاء الطالب دروساً خصوصية دون أن يذهب للمدرسة حتى نال النجاح في شهادة التعليم الأساسي بمجموع يفوق 200 علامة بقليل من أصل 310.

ولتفسير لماذا يداري الأهل غيرة المعلمين بدفعهم أموالاً طائلة لهم ترضي جيوبهم، بعد أن كانت الاعتماد الأول على المدرسة، والحصص الإضافية كانت وسيلة لتقوية مهارات الطالب. سألنا أحد الطلبة من الذين يأخذون حصصاً إضافية فقال: إن الأستاذ في المدرسة وخاصة في مدارس المدينة، مهما حاول أن يشرح بطريقة جيدة، فلن يكون لديه الوقت الكافي للتوسع في شرحه في ظل العدد الكبير من الطلاب، وأيضاً لا يأخذ الجميع فرصتهم في المشاركة فضلاً عن مشاغبة الطلاب حيناً، إذا كان المدرس غير قادر على ضبط القاعة، ويكون اختيار الدروس الخصوصية هو الخيار الأمثل، بالنسبة للبعض الآخر من الطلبة تبين أنه من المعيب ألا يأخذ الطالب دروساً خصوصية، إذ يشعر أنه غريب عن زملائه، فهي أصبحت كالموضة.

إن الانتشار الكبير للمعاهد والاعتماد على المعلمين ولّد عند الطلبة خوفاً من النقص ومن وجود ثغرات حتى لو لم تكن موجودة، بعد أن فقدوا ثقتهم بقدراتهم وبالمدرسة.

لا يعقل ان نشهد شراء الأثرياء شهادات لأبنائهم لا يستحقونها، بينما في الجانب الآخر عائلات تكابد العناء وتستدين لتعلّم أطفالها هذا إذا استطاعت أن تكمل تعليمهم حتى المرحلة الجامعية في ظل الوضع الاقتصادي السائد.

لرفع مستوى التعليم في المدارس والاستغناء عن الدروس الخصوصية، رغم أهميتها في بعض الأحيان، لا بد من منح رواتب مجزية للعاملين في السلك التعليمي في جميع المراحل، تغنيهم عن اللجوء إلى التعليم الخصوصي، ومراقبة إدارية على سير العملية التربوية وإجراء اختبارات تقويمية للطلبة بين الحين والآخر لاكتشاف نقاط الضعف والقوة، ورفد المعلمين بالتوجيهات اللازمة لضمان سير العملية التعليمية والتربوية بالشكل الأمثل لجميع الطلبة دون استثناء، إضافة الى اتخاذ الإجراءات العقابية عند الضرورة. وإعداد كادر تعليمي جيد في جميع مدارس القطر.

للعلم فقط: رواتب سلك التعليم في الدول المتقدمة (ألمانيا، سنغافورة، فنلندا، الدول الإسكندنافية) هي الأعلى من رواتب جميع المهن.

دام عزّكم، أيها السادة، ما رأيكم!؟

العدد 1104 - 24/4/2024