حقوق ضاعت فأضاعت معها الإنسان

ريم داود:

منذ عام ١٩٤٨ أي ما يقارب ثلاثة وسبعين عاماً، صادقت مجموعة من الدول على وثيقة تاريخية هامة صاغها ممثلون من أنحاء العالم، مبرمين (اتفاقية حقوق الإنسان)، وقد اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم ١٠ كانون الأول يوماً دولياً بموجب القرار ٢١٧ الذي يضمن الاعتراف الفعلي بحقوق الانسان واحترامها والدفاع عنها. وبناء على هذه المعاهدة أو الاتفاقية تعهدت كل من الدول التي صادقت على القرار بأن تحمي الحقوق المدنية والسياسية لشعبها، وأن تمنع المعاملة القاسية أو غير الإنسانية المهينة، وأن تعترف بحق كل إنسان في الحرية والكرامة والأمن، على أن تحمي هذه الدول مواطنيها من الاعتقال والتوقيف التعسفي، مع ضمان شروط معيشية أفضل والعمل على تحسين أحوال مواطنيها.

أمل مفقود: لم يعد بإمكاننا مشاهدة الضوء، لقد أغشت العتمة نور أعيننا، وسرقت شراهة التجار أموال جيوبنا، لم نعد نقوى على أدنى حدود العيش حتى، فعن أي حقوق تتحدّثون؟ يتوجه العالم للاحتفال بذكرى إبرام معاهدة كان من المفروض أن تُغيّر مجرى واتجاه حياة الملايين، في حين نتجه نحن السوريين للبحث عن الدفء والنور في وطن غاب عنه الدفء والنور، ساعين خلف تأمين أبسط مقومات العيش والتي من المفترض ألاّ يساوم عليها البتة.

(لن ينعم السوريون بشتاء دافئ هذا العام) كلمات كألسنة النار غزت صدور العوائل السورية كاوية قلوبهم بغصّة تحت عنوان لا حول ولا قوة!! كيف لشعب يحارب على جميع الأصعدة داخلياً قبل الخارج أن يقوى على متابعة المسير؟ كيف لشعب لا يملك الوقود والغاز والكهرباء أن يقاوم أمراض الشتاء؟ كيف لشعب لا يملك الأدوية أن يعالج سقمه ويحارب أشرس أنواع الفيروسات؟ كيف لشعب يُطالَب بأضعاف أضعاف واجباته وإمكانياته أن يتمكّن من الثبات؟ فبالله عليكم عن أي حقوق تتحدثون؟!

فساد أفسد البشر: يحدثوننا عن الكرامة والمواطنة واحترام حقوق الآخرين، ويستطردون في الوصف والتوصيف!! المادة (٢٥) من اتفاقية حقوق الإنسان تقول: (لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية). بند مضحك مبكي، فمنذ سنوات وسنوات تعاني نصف شعوب الأرض وخاصة الشعب السوري من حقوق مهدورة مسفوكة وسط حروب شُنَّتْ وتُشَنّ مستهدفة مواطنين بائسين يائسين لا حول لهم ولا قوة، فأين هي الأمم المتحدة من كل هذا؟ أين هي تلك الكرامة وسط فساد يعمُّ الأرض، فساد تخطّى حدود المعقول وخاصة في بلادي، لا رادع، لا ضمير ولا وجدان يقف أمام جشع بات يفتك بنا كالمرض العضال، فكيف لحقوق الانسان أن تُصان وسط هذا الخلل الرهيب!؟ وهل نستطيع بعد كل هذا الخلل أن نُعيد البنيان؟ أم أنه محكوم علينا العيش وسط الغربان؟

العدد 1104 - 24/4/2024